للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووصفه ابن حجر بأنه: "من محاسن الأجوبة في الجمع" (٣٢).

وحسنه سليمان بن عبد الله وقال عنه: "هذا جواب بليغ جدًّا" (٣٣).

القول الثاني: أن سبب إنكار النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الخطيب إنما هو لتشريكه في الضمير المقتضي للتسوية، وأمره بالعطف تعظيمًا لله تعالى وتأدبًا معه، وذلك بتقديم اسمه كما في قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان" (٣٤)، وإلى هذا القول ذهب القاضي عياض (٣٥) رحمه الله.

وقريب من هذا القول ما ذكره أبو العباس القرطبي من أنه يحتمل أن يكون هناك من يتوهَّم التسوية من جمعهما في الضمير الواحد، فمنع ذلك لأجله، وحيث عدم ذلك جاز الإطلاق (٣٦).

القول الثالث: أن سبب النهي هو أن الخطب شأنُها البسط والإيضاح واجتناب الإشارات والرموز، ولهذا ثبت في الصحيح أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا لتُفهم.

وأما تثنية الضمير في حديث أنس "أحب إليه مما سواهما" فلأن الأمر هنا ليس خطبة وعظ، وإنما هو تعليم حكم، فكلَّما قلَّ لفظه كان أقرب إلى حفظه، بخلاف خطبة الوعظ فإنه ليس المراد حفظها، وإنما المراد الاتعاظ بِها.

وإلى هذا القول ذهب النووي (٣٧) عليه رحمة الله.

القول الرابع: حمل حديث الخطيب على الأدب والأولى، وحمل حديث


(٣٢) فتح الباري (١/ ٦٢).
(٣٣) تيسير العزيز الحميد (٤٧٨).
(٣٤) أخرجه من حديث حذيفة أبو داود (عون ١٣/ ٢٢٢) ح (٤٩٧٠) وأحمد (٥/ ٣٨٤).
(٣٥) انظر إكمال المعلم (٣/ ٢٧٥).
(٣٦) انظر المفهم (٢/ ٥١١).
(٣٧) شرح النووي على مسلم (٦/ ٤٠٩).

<<  <   >  >>