للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأمرهم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، ويقولوا: ما شاء الله ثم شئت (٤٩).

قال الطحاوي: "فكان في هذا الحديث ذكر سبب النهى من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الحلف بغير الله تعالى. وكان في ذلك ما قد دل على أن المتأخر .. هو النهى عن الحلف بغير الله لا الإباحة" (٥٠).

٢ - قول عمر رضي الله عنه -وهو يروي الحديث بعد موت النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ--: "فوالله ما حلفت بِها منذ سمعت النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذاكرًا ولا آثرًا" مما يدل على أن آخر الأمرين منه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النهي لا الإباحة (٥١).

٣ - أن من عادة العرب الحلف بالآباء كما جاء في رواية ابن عمر رضى الله عنهما: "وكانت قريش تحلف بآبائها" فالأصل عندهم هو الحلف بالآباء. وقد جاء قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أفلح وأبيه" وقوله: "وأبيك لتنبأن" مبقيًا لهذا الأصل، وجاء نَهيه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ناقلًا عن هذا الأصل وعند أهل العلم: الناقل عن الأصل مقدم على المبقى عليه، لأن الناقل فيه إثبات حكم جديد، ففيه زيادة ليست موجودة في الخبر المبقى، وغاية ما يفيده الخبر المبقي التأكيد والتقرير، بينما الخبر الناقل يفيد التأسيس، والتأسيس أولى من التأكيد (٥٢) والله أعلم.

ثالثًا: مذهب الترجيح:

وهو ترجيح أحاديث النهى وتضعيف روايات الحلف بغير الله تعالى وإلى


(٤٩) سبق تخريجه ص (١٩٥).
(٥٠) مشكل الآثار (١/ ٢٤٤).
(٥١) انظر: المغنى (١١/ ١٦٣).
(٥٢) انظر: التعارض والترجيح بين الأدلة الشرعية للبرزنجي (٢/ ٢٢٣). تيسير العزيز الحميد (٥٩٣) الشرك الأصغر حقيقته وأحكامه وأنواعه لعبد الله السليم (١٦٣) مخطوط.

<<  <   >  >>