للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث الترجيح]

بعد عرض الأقوال في هذه المسألة وأدلتها يظهر جليًّا أن القول بالتحريم هو المتعيِّن لا سيَّما وقد أطلق عليه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصف الشرك والكفر. ولذلك قال القرطبي: "وظاهر النهي التحريم. ولا ينبغي أن يُختلف في تحريمه" (١).

ومما يعضد القول بالتحريم -بالإضافة إلى ما سبق ذكره من الأدلة- قول ابن مسعود رضى الله عنه: "لأن أحلف بالله كاذبًا أحب إليَّ من أحلف بغيره وأنا صادق" (٢).

قال شيخ الإسلام تعليقًا على قول ابن مسعود: "وذلك لأن الحلف بغير الله شرك والشرك أعظم من الكذب" (٣).

وقال الشيخ سليمان بن عبد الله: " ولا اعتبار بمن قال من المتأخرين: إن ذلك على سبيل كراهة التنْزيه، فإن هذا قول باطل، وكيف يُقال ذلك على ما أطلق عليه الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه كفر أو شرك، بل ذلك محرم، ولهذا اختار ابن مسعود رضى الله عنه أن يحلف بالله كاذبًا ولا يحلف بغيره صادقًا، فهذا يدل على أن الحلف بغير الله أكبر من الكذب، مع أن الكذب من المحرمات في جميع


(١) المفهم (٤/ ٦٢١).
(٢) رواه الطبراني في الكبر (٩/ ١٨٣) ح (٨٩٠٢) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٤/ ١٧٧) ورجاله رجال الصحيح. وقال الألباني في الإرواء (٨/ ١٩١) ح (٢٥٦٢): وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
(٣) مجموع الفتاوى (١/ ٢٠٤) وانظر (٢٧/ ٣٥٠).

<<  <   >  >>