للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الملل فدلَّ ذلك: أن الحلف بغير الله من أكبر المحرمات" (٤).

وقال الشوكاني: "أقل ما تقتضيه الأحاديث الكثيرة في النهي عن الحلف بغير الله والوعيد الشديد عليه أن يكون الفاعل لذلك آثمًا وقال أيضًا: "كيف تُهمل المناهى والزواجر التي وردت موردًا يقرب من التواتر بمثل هذا الحديث الذي تعرض العلماء لتأويله" (٥).

بقى أن نعلم: هل المراد بالشرك والكفر الوارد في قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك" الشركُ والكفرُ المخرج من الملَّة أم المراد بذلك الشرك الأصغر؟

الذي يظهر -والله تعالى أعلم- أن المراد بذلك الشرك الأصغر قال الطحاوي رحمه الله: "لم يُرَد به الشرك الذي يخرج من الإسلام حتي يكون به صاحبه خارجًا من الإسلام، ولكنه أُريد أنه لا ينبغي أن يحلف بغير الله تعالى، وكان من حلف بغير الله تعالى فقد جعل ما حلف به محلوفًا به كما جعل الله تعالى محلوفًا به" (٦).

وقال ابن العربي: "أراد بقوله: "فقد كفر أو أشرك" شرك الأعمال وكفرها وليس المراد شرك الاعتقاد ولا كفره .. " (٧).

وقال سليمان بن عبد الله: "قال الجمهور: لا يكفر كفرًا ينقله عن الملَّة ولكنه من الشرك الأصغر كما نص على ذلك ابن عباس وغيره. وأما كونه أمر من حلف باللات والعزى أن يقول: لا إله إلا الله، فلأن هذا كفارة له مع


(٤) تيسير العزيز الحميد (٥٩٠).
(٥) السيل الجرار (٤/ ١٦).
(٦) مشكل الآثار (١/ ٢٤٤).
(٧) عارضة الأحوذي (٧/ ١٩).

<<  <   >  >>