للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال المناوي: "الكى لا يُترك مطلقًا ولا يُستعمل مطلقًا، بل عند تعيُّنه طريقًا للشفاء، وعدم قيام غيره مقامه، مع مصاحبة اعتقاد أن الشفاء بإذن الله تعالى والتوكل عليه" (١٤).

وقال أيضًا: "نهى عن الكي" نَهى تنْزيه حيث أمكن الاستغناء عنه بغيره لأنه يشبه التعذيب بعذاب الله الذي نَهى عنه، ولما فيه من الألم الذي ربما زاد على ألم المرض، أما عند تعينه طريقًا فلا يكره فقد كوى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- .. " (١٥).

وقال الشوكاني: "وقد جاء النهي عن الكى وجاءت الرخصة فيه، والرخصة لسعد لبيان جوازه حين لا يقدر الرجل أن يداوي العلة بدواءٍ آخر، وإنما ورد النهي حيث يقدر الرجل على أن يداوي العلة بدواءٍ آخر لأن الكي فيه تعذيب بالنار ولا يجوز أن يعذب بالنار إلا رب النار وهو الله تعالى ولأن الكي يبقى منه أثر فاحش" (١٦).

[المسلك الخامس]

ما ذهب إليه ابن القيم وابن حجر عليهما رحمة الله وهو أن أحاديث الكي تضمنت أربعة أنواع، أحدها: فعله، والثاني: عدم محبته له، والثالث: الثناء على تركه، والرابع النهى عنه.

- ففعله ونسبة الشفاء إليه يدل على الجواز.

- وعدم محبته له لا يدل على المنع منه، بل هو من جنس تركه أكل الضب مع تقريره أكله على مائدته واعتذاره بأنه يعافه (١٧).


(١٤) فيض القدير (٦/ ٨٢).
(١٥) فيض القدير (٦/ ٣٢٠).
(١٦) نيل الأوطار (٨/ ٢٣٥، ٢٣٦).
(١٧) جاء ذلك في مسلم: من حديث ابن عباس -رضي الله عنه- (١٣/ ١٠٥) ح (١٩٤٥). قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- -وقد سأله خالد بن الوليد: أحرام هو يا رسول الله؟ - قال: "لا، ولكنه لم يكن بأرض قومى فأجدني أعافه" قال خالد: فاجتررته فأكلته ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ينظر.

<<  <   >  >>