للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بيان وجه التعارض]

لما أخبر الله تعالى أنه في العلو وأنه قريب من عباده، وأنه مع خلقه أينما

كانوا: أشكل ذلك على بعض الناس فافترقوا على أربع فرق:

١) فزعمت طائفة -وهم معطلة الجهمية (١٦) - أن الله تعالى لا هو داخل العالم ولا خارج العالم ولا فوق ولا تحت ..

فهم بِهذا يخالفون النصوص كلها ولا يأخذون بشيء منها، وإنما يصفون الله تعالى بالعدم المحض، ولذلك قال ابن المبارك فيهم: "الجهمية خارجون عن الثلاث والسبعين فرقة" (١٧).

٢) وزعمت طائفة أخرى -كالنجارية (١٨) وحلولية الجهمية من عبادهم وصوفيتهم- أن الله تعالى في كل مكان بذاته (١٩)، ويستدلون على ذلك


(١٦) الجهمية: هم أتباع جهم بن صفوان وهو من الجبرية الخالصة حيث زعم أنه لا فعل ولا عمل لأحد غير الله تعالى، وإنما تنسب الأعمال إلى المخلوقين على سبيل المجاز، وزعم أيضًا أن الايمان هو المعرفة بالله تعالى فقط وأن الإيمان لا يتبعض ولا يتفاضل أهله فيه، وقال كما قالت المعتزلة بنفى الصفات الأزلية لله تعالى وزاد عليهم بأشياء. ظهرت بدعته بترمذ وقتله مسلم بن أحوز المازني بمرو في آخر ملك بنى أمية (انظر مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري (١/ ٢١٤، ٣٣٨) الفرق بين الفرق للبغدادي (١٩٤) أصول الدين للبغدادى أيضًا (٣٣٣) الملل والنحل للشهرستاني (١/ ٨٦).
(١٧) انظر السنة لعبد الله بن الإمام أحمد (١/ ١٠٩) الإبانة لابن بطة (٢/ ٥٦) تحقيق د/ يوسف الوابل ففيهما تصريح ابن المبارك بتكفير الجهمية.
(١٨) النجارية: هم أتباع الحسين بن محمد النجار المتوفى سنة (٢٣٠)، وهم فرق شتى أشهرها البرغوثية والزعفرانية والمستدركة من الزعفرانية ويجمع هذه الفرق ثلاثة أشياء: القول بحدوث كلام الله تعالى ونفى صفاته الأزلية وإحالة رؤيته بالأبصار، فهم بِهذا يوافقون المعتزلة في هذه الأصول الثلاثة. وأما في الإيمان فيجمعهم القول بأن الإيمان هو المعرفة بالله تعالى وبرسله وفرائضه التي أجمع عليها المسلمون، والخضوع له والإقرار باللسان فمن جهل شيئًا من ذلك بعد قيام الححة به عليه أو عرفه ولم يقر به فقد كفر (انظر مقالات الإسلاميين (١/ ٢١٦، ٣٤٠) الفرق بين الفرق (١٩١ - ١٩٢) أصول الدين (٣٣٤) الملل والنحل (١/ ٨٨ - ٩٠).
(١٩) انظر: الملل والنحل للشهرستاني (١/ ٩٠). وأيضًا مجموع الفتاوى (٨/ ١٧٢).

<<  <   >  >>