للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا: "وكلما احتمل حديثان أن يُستعملا معًا، استعملا معًا ولم يُعطل واحد منهما الآخر" (٣).

وقال الخطابي: "وسبيل الحديثين إذا اختلفا في الظاهر وأمكن التوفيق بينهما وترتيب أحدهما على الآخر: أن لا يُحملا على المنافاة ولا يُضرب بعضها ببعض، لكن يُستعمل كل واحد منهما في موضعه، وبهذا جرت قضية العلماء" (٤).

* ثانيًا: النسخ:

فإن تعذر الجمع -وكان الحديثان يقبلان التناسخ (٥) - نظر في التاريخ لمعرفة المتقدم من المتأخر فيكون المتأخر ناسخًا للمتقدم.

قال الشافعي رحمه الله تعالى: "فإذا لم يحتمل الحديثان إلا الاختلاف -كما اختلفت القبلة نحو بيت المقدس والبيت الحرام- كان أحدهما ناسخًا والآخر منسوخًا" (٦).

وجدير بالتنبيه هنا أنه إذا قام الدليل صريحًا على بيان النسخ بين الحديثين فإنه حينئذٍ يعمل به ولا يُلجأ إلى الجمع.


(٣) اختلاف الحديث (٣٩ - ٤٠).
(٤) معالم السنن (٣/ ٦٨).
(٥) هذا القيد لإخراج ما لا يقبل النسخ من الأحاديث وهو ما كان خبرًا فإنه لا يجوز أن يقع فيه النسخ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "كتاب الله نوعان: خبر وأمر أما الخبر فلا يجوز أن يتناقض، ولكن قد يُفسِّر أحد الخبرين الآخر ويُبين معناه، وأما الأمر فيدخله النسخ، ولا يُنسخ ما أنزل الله إلا بما أنزله الله، فمن أراد أن ينسخ شرع الله الذى أنزله برأيه وهواه كان ملحدًا، وكذلك من دفع خبر الله برأيه ونظره كان ملحدا" درء التعارض (٥/ ٢٠٨) وانظر منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد (١/ ٢٦٨ - ٢٧٣).
(٦) اختلاف الحديث (٤٠).

<<  <   >  >>