للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رجس أُرسل على طائفة من بني إسرائيل أو على من كان قبلكم فإذا سَمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بِها فلا تخرجوا فرارًا منه" قال أبو النضر: "لا يخرجكم إلا فرارًا منه (٢٥) " (٢٦).

وجاء هذا الحديث عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بعد قصة طويلة قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بِها فلا تخرجوا فرارًا منه" (٢٧).

وهذان الحديثان -أعني حديث أسامة وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما- كما أنَّهما دالان على إثبات العدوى فإن الجزء الأخير منهما وهو قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وإذا وقع بأرض وأنتم بِها فلا تخرجوا فرارًا منه" قد يُفهم منه نفى العدوى فيكون عاضدًا لأدلة الجانب الأول.

[بيان وجه التعارض]

بالنظرة السريعة إلى الأحاديث الماضية قد يبدو للقارئ الكريم أن بينها تعارضًا وأنها متناقضة إذ أن في الجانب الأول منها ما يفيد نفي وجود العدوى


(٢٥) هكذا في رواية أبي النضر "إلا فرارًا منه" وظاهرها معارض للرواية التي قبلها "فلا تخرجوا فرارًا منه". قال ابن عبد البر في توجيه رواية أبي النضر: "والوجه فيه عند أهل العربية أن دخول إلا في هذا الموضع إنما هو لإيجاب بعض ما نفي بالجملة كأنه قال: لا تخرجوا منها إذا لم يكن خروجكم إلا فرارًا. أي إذا كان خروجكم فرارًا فلا تخرجوا والنصب هنا بمعنى الحال لا بمعنى الإستثناء والله أعلم". التمهيد (٢١/ ١٨٣) [وانظر: فتح الباري: (٦/ ٥٢٠)، ومسلم بشرخ النووي (١٤/ ٤٥٧)]
(٢٦) متفق عليه. البخاري، كتاب الأنبياء، باب: "أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم". (٣/ ١٢٨١) ح (٣٢٨٦). ومسلم: كتاب السلام، باب الطاعون والطيرة. (١٤/ ٤٥٤) ح (٢٢١٨).
(٢٧) متفق عليه: البخاري: كتاب الطب، باب: ما يذكر في الطاعون. (٥/ ٢١٦٣) ح (٥٣٩٧). ومسلم: كتاب السلام، باب: الطاعون والطيرة. (١٤/ ٤٦٠) ح (٢٢١٩).

<<  <   >  >>