للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القول الثاني: -]

أن الرقى جائزة غير مكروهة ولا قادحة في التوكل، وإلى هذا صار أكثر أهل العلم واستدلوا بما سبق ذكره من الأحاديث في جواز الرقى ومشروعيتها، حيث رَقى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ورُقىَ وأمر بالرقى وأقرها.

وأما حديث السبعين ألفًا فقد أجابوا عنه بعدة أجوبة منها:

١ - ما قاله الطبري والمازري وغيرهما من أنه "يحمل ما في الحديث على قوم يعتقدون أن الأدوية نافعة بطباعها كما يقول بعض الطبائعيين، لا أنَّهم يفوضون الأمر لله سبحانه وحده" (٧).

وقال المازري في موضع آخر: " .. وينهى عنها بالكلام الأعجمى ومالا (٨) يُعرف معناه لجواز أن يكون فيه كفر أو إشراك" (٩).

وقريب منه ما ذهب إليه ابن قتيبة فإنه قال: "الرقى يكره منها ما كان بغير اللسان العربي وبغير أسماء الله تعالى وذكره وكلامه في كتبه، وأن يعتقد أنها نافعة لا محالة وإياها أراد بقوله: "ما توكل من استرقى" ولا يكره ما كان من التعوذ بالقرآن وبأسماء الله عز وجل" (١٠).

٢ - ما قاله الداوودي وطائفة من أن "المراد بالحديث الذين يجتنبون فعل ذلك في الصحة خشية وقوع الداء، وأما من استعمل الدواء بعد وقوع الداء به فلا" (١١).


(٧) المعلم بفوائد مسلم للمازري (١/ ٢٣١)، وانظر فتح الباري (١٠/ ٢١١).
(٨) في الأصل "مالًا" ولا تستقيم العبارة إلا بما أثبته، والله أعلم.
(٩) المعلم (٣/ ٩٥).
(١٠) تأويل مختلف الحديث، ص ٣١١.
(١١) الفتح (١٠/ ٢١١).

<<  <   >  >>