للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: أفيُكشف عذاب الآخرة: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} (١٣) فالبطشة يوم بدر، وقد مضت آية الدخان والبطشة واللزام وآية الروم" (١٤).

وفي طريق آخر عند مسلم: قال: "إنما كان هذا أن قريشًا لما استعصت على النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دعا عليهم بسنين كسني يوسف فأصابَهم قحط وجهد حتي جعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد، وحتى أكلوا العظام، فأتى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجل فقال: يا رسول الله استغفر الله لمضر، فإنَّهم قد هلكوا فقال: "لمضر؟ إنك لجريء" قال: فدعا الله لهم فأنزل الله عز وجل: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} قال: فمطروا فلما أصابتهم الرفاهية، قال: عادوا إلى ما كانوا عليه، قال: فأنزل الله عز وجل: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}، {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} قال يعني يوم بدر" (١٥).

[بيان وجه التعارض]

بالنظر إلى النصوص السابقة نجد أن في حديث حذيفة وأبي هريرة رضى الله عنهما ما يفيد أن الدخان من علامات الساعة وأماراتِها وأنه لم يأت بعد، وفي المقابل نجد أن ابن مسعود رضى الله عنه يصرح بأن الدخان قد مضى وانتهى وهو ما حصل لقريش من الجهد والجوع عندما دعا عليهم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتي أصبح أحدهم ينظر إلى السماء فيرى كهيئة الدخان، ولا يكتفي ابن مسعود رضى الله عنه بالتصريح بأن الدخان قد مضى بل يغضب ويشتد نكيره على من خالف ذلك.


(١٣) سورة الدخان، آية (١٦).
(١٤) متفق عليه: البخاري في مواضع من كتاب التفسير. باب تفسير سورة {الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ}. (٤/ ١٧٩١) ح (٤٤٩٦). وفي باب: قوله تعالى: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}. (٤/ ١٨٠٩) ح (٤٥٣١). ومسلم واللفظ له في كتاب: صفات المنافقين وأحكامهم، باب: الدخان. (١٧/ ١٤٦) ح (٢٧٩٨).
(١٥) أخرجه مسلم في الموضع السابق.

<<  <   >  >>