للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيهما من أن ذلك يبلغ الميت (٣٧).

٣ - قالوا: إن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يقل: إن الميت يعاقب ببكاء أهله عليه، بل قال: "يعذب" والعذاب أعم من العقاب، فإن العذاب هو الألم، وليس كل من تألم بسبب كان ذلك عقابًا له على ذلك السبب فإن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم طعامه وشرابه" (٣٨) فسمى السفر عذابًا وليس هو عقابًا على ذنب (٣٩).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والإنسان يعذب بالأمور المكروهة التي يشعر بِها، مثل الأصوات الهائلة والأرواح الخبيثة والصور القبيحة، فهو يتعذب بسماع هذا وشم هذا ورؤية هذا، ولم يكن ذلك عملًا له عوقب عليه، فكيف يُنكر أن يعذب الميت بالنياحة وإن لم تكن النياحة عملًا له يعاقب عليه؟ والإنسان في قبره يعذب بكلام بعض الناس ويتألم برؤية بعضهم وبسماع كلامه" (٤٠)، ثم قال رحمه الله: "وقد يندفع حكم السبب بما يعارضه، فقد يكون في الميت من قوة الكرامة ما يدفع عنه من العذاب كما يكون في بعض الناس من القوة ما يدفع ضرر الأصوات الهائلة والأرواح والصور القبيحة" (٤١).

[المسلك السابع]

أن ذلك خاص بالكافر دون المؤمن على ما ذهبت إليه عائشة رضى الله عنها (٤٢).


(٣٧) انظر فتح الباري (٣/ ١٥٥) نيل الأوطار (٤/ ١٢٧).
(٣٨) متفق عليه من حديث أبي هريرة: البخارى (٢/ ٦٣٩) ح (١٧١٠) ومسلم (١٣/ ٧٤) ح (١١٢٧).
(٣٩) انظر مجموع الفتاوى (٢٤/ ٣٧٤).
(٤٠) المرجع السابق. الجزء والصفحة.
(٤١) المرجع السابق (٢٤/ ٣٧٥).
(٤٢) انظر فتح الباري (٣/ ١٥٤) شرح الصدور (٣٨٥) نيل الأوطار (٤/ ١٢٦).

<<  <   >  >>