للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحافظين على شرائعنا، وعلى هذا فإن الاسم المضمر في قوله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ليس منا" ينصرف إطلاقه إلى المؤمنين الإيمان الواجب الذي به يستحقون الثواب بلا عقاب، وإلى هذا ذهب أبو عبيد القاسم بن سلام (٦١) وشيخ الإسلام ابن تيمية (٦٢) عليهما رحمة الله، وهذا التوجيه في الحقيقة يرجع إلى توجيههما السابق لأحاديث نفى الإيمان.

٢ - وقيل إن المعني: ليس مثلنا، وهذا منسوب لسفيان بن عيينة (٦٣).

* ثانيًا: توجيه الأحاديث المتعلقة بحكم الآخرة:

تقدمت الإشارة إلى نماذج من أحاديث الوعيد في الآخرة لمن ارتكب بعض الكبائر، في بعضها لعنه ووعيده بعدم دخول الجنة، وفي البعض الآخر وعيده بدخول النار، وقد سلك أهل العلم فيها مذهب الجمع فجاءت توجيهاتهم لها كالتالي:

١ - أن المراد بقوله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يدخل الجنة" أي: بعض الجنان التي هي أعلى وأشرف وأنبل وأكثر نعيمًا وسرورًا وبَهجة، لا أنه أراد أنه لا يدخل شيئًا من تلك الجنان التي هي في الجنة (٦٤).

٢ - وقيل المراد: لا يدخل الجنة في الوقت الذي يدخلها من لم يرتكب هذا الذنب، لأنَّه يحبس عن دخول الجنة إما للمحاسبة على الذنب أو لإدخاله النار ليعذب بقدر ذلك الذنب ثم يخرج منها ويدخل الجنة (٦٥).

وهذا معني قول بعضهم: "إن المنفى هو الدخول المطلق الذي لا يكون


(٦١) انظر الإيمان (٤٣).
(٦٢) انظر مجموع الفتاوى (١٩/ ٢٩٤). المستدرك على مجموع الفتاوى (١/ ١٢٩).
(٦٣) انظر الإيمان لأبي عبيد (٤٣).
(٦٤) انظر التوحيد لابن خزيمة (٢/ ٨٦٨، ٨٧١) معارج القبول (١/ ٢٧٩).
(٦٥) انظر التوحيد لابن خزيمة (٢/ ٨٧٧) معارج القبول (١/ ٢٨٠).

<<  <   >  >>