للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث الترجيح]

لا شك أن لكل مسلك من المسالك السابقة وجهته ووجاهته وكلها مسالك مُحتملة، وبعضها متقاربة.

والذي يظهر -والله تعالى أعلم بالصواب- أن الكى لا يمكن أن يُحكم عليه بحكم واحد، بل هو كما قال ابن حجر والمناوي عليهما رحمة الله بأنه "لا يترك مطلقًا ولا يستعمل مطلقًا (١) وبالتالي يمكننا القول بأن الكي يعتريه ثلاثة أحكام، فتارة يكون جائزًا بدون كراهة وتارة يكون مكروهًا، وتارة ثالثة يكون محرمًا، وإليك تفصيل ذلك:

أ - فهو جائز إذا توفرت فيه الشروط التالية:

١ - إذا دعت الحاجة إليه، قال ابن عبد البر: "ما أعلم بينهم خلافًا أنهم لا يرون بأسًا بالكي عند الحاجة إليه" (٢).

٢ - وإذا لم يمكن الاستغناء عنه بغيره، بل تعيَّن كونه طريقًا للعلاج كما لو نزف الدم منه بشدة ولم يمكن إيقافه إلا بالكى وإلا مات، وقد يقال بوجوبه في هذه الحالة لأن عدم فعله فيه تعريض النفس للهلاك ولذلك كوى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سعد بن معاذ عندما نزف الدم منه وخشى عليه الهلاك.

٣ - وإذا اعتقد أن الشفاء بيد الله تعالى وأن الكى مجرد سبب فقط.

ب - وهو مكروه في الحالات التالية:


(١) الفتح (١٠/ ١٣٩) فيض القدير (٦/ ٨٢).
(٢) التمهيد (٢٤/ ٦٥).

<<  <   >  >>