للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"أفلح وأبيه إن صدق" فقد تعرض له أهل العلم بالبيان والتحقيق وأجابوا عنه بعدة أجوبة، فمنهم من حاول الجمع بينه وبين أحاديث النهي، ومنهم من ذهب إلى أنه منسوخ ومنهم من سلك سبيل الترجيح والتضعيف لروايات الحلف بغير الله تعالى وإليك تفصيل ذلك:

أولًا: مذهب الجمع:

ذكر القائلون بالجمع عدة مسالك يمكن الجمع بِها بين حديث "أفلح وأبيه إن صدق" وبين أحاديث النهي عن الحلف بغير الله تعالى، وكل هذه المسالك تجنح إلى تأويل حديث "أفلح وأبيه إن صدق" وحمله على غير ظاهره، وإليك بيان هذه المسالك:

[المسلك الأول]

أن هذا اللفظ كان يجري على ألسنتهم من غير قصد الحلف كما جرى على لسانِهم عقرى (١٩) وحلقى (٢٠) وتربت يمينك (٢١) وما أشبه ذلك. وكلغو اليمين المعفو عنه في قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} (٢٢) قالت عائشة رضي الله عنها: هو قول الرجل: لا والله وبلى والله (٢٣) ونحو ذلك.


(١٩) يقال للمرأة عقرى: أي عقرها الله، وأصابَها بِعَقْر في جسدها. وظاهره الدعاء عليها وليس بدعاءٍ في الحقيقة. انظر: النهاية في غريب الحديث (٣/ ٢٧٢)، لسان العرب (٤/ ٥٩٤).
(٢٠) يقال للمرأة حلقى: أي حَلَقها الله يعني صابَها وجع في حلقها خاصة. انظر: النهاية في غريب الحديث (١/ ٤٢٨)، لسان العرب (١٠/ ٦٠).
(٢١) تربت يمينك: أي التصقت يمينك بالتراب من الفقر. وهذه الكلمة جارية على ألسنة العرب لا يريدون بها الدعاء على المُخَاطَب ولا وقوع الأمر به. انظر: النهاية (١/ ١٨٤)، لسان المعرب (١/ ٢٢٩).
(٢٢) سورة المائدة. آية (٨٩).
(٢٣) أخرجه البخاري (٤/ ١٦٨٦) ح (٤٣٣٧).

<<  <   >  >>