للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد الآخر حتى فرغ من عشرته، والبخاري يقول: لا أعرفه، فكان الفقهاء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: الرجل: فهم ومن كان منهم غير ذلك يقضي على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الفهم.

ثم انتدب إليه رجل آخر من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة، فقال البخاري: لا أعرفه، فسأله عن آخر فقال: لا أعرفه، فلم يزل يلقي عليه واحدًا تلو الآخر حتى فرغ من عشرته، والبخاري يقول: لا أعرفه، ثم انتدب إليه الثالث والرابع إلى تمام العشرة حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة، والبخاري لا يزيدهم على قوله: لا أعرفه.

فلما عرف البخاري أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال: أما حديثك الأول فهو كذا، وحديثك الثاني فهو كذا، والثالث والرابع حتى أتى على تمام العشرة، فرد كل متن إلى إسناده، وكل إسناد إلى متنه، وفعل بالآخرين مثل ذلك، فأقر له الناس بالحفظ وأذعنوا له بالفضل (١٥).

[٥ - ثناء العلماء عليه]

لقد أثنى على البخاري رحمه الله تعالى -في سعة علمه وقوة حفظه وبراعته في علم الحديث- عدد كبير من أهل العلم والفضل في سائر الأمصار، وليس المثنون عليه هم تلامذته أو من جاء بعدهم فقط، بل حتى شيوخه وأقرانه قد دانوا له بالفضل واعترفوا له بالعلم والحفظ وإليك بعض أقوالهم:

قال فيه على بن المدينى: "ما رأى مثل نفسه" (١٦).

وقال فيه أحمد بن حنبل: "ما أخرجت خراسان مثل محمد بن


(١٥) انظر تاريخ بغداد (٢/ ٢٠) تَهذيب الكمال (٢٤/ ٤٥٣) سير أعلام النبلاء (١٢/ ٤٠٨).
(١٦) تاريخ بغداد (٢/ ١٨) وانظر تَهذيب الكمال (٢٤/ ٤٥١).

<<  <   >  >>