للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فذهب بعضهم إلى وصف اليد الأخرى بالشمال، وذهب الآخرون إلى المنع من ذلك، فالفريق الأول سلك مذهب الجمع، والفريق الثاني سلك مذهب الترجيح، وإليك بيان ذلك:

أولًا: مذهب الجمع:

سلك هذا المذهب من أثبت الشمال واليسار ليد الله تعالى، فأخذوا بالأحاديث التي فيها وصف يد الله تعالى بالشمال، وحملوا قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "كلتا يديه يمين"، على أنه قاله على جهة التأدب، وذلك أنه لما كانت اليسار في حقِّنا أنقص من اليمين وأقل رتبةً منها بيَّن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَّ كلتا يدي الله تعالى يمين مباركة، ليس فيها نقص ولا عيب بوجه من الوجوه، فليست الشمال بالنسبة له كالشمال بالنسبة لنا.

وإلى هذا ذهب الإمام عثمان بن سعيد الدارمى وأبو يعلى الفراء ومحمد ابن عبد الوهاب وصديق حسن خان (٤)، وإليك أقوالهم وأدلتهم:

قال الإمام الدارمى: "ولكن تأويله: "وكلتا يديه يمين" أي: منَزه عن النقص والضعف كما في أيدينا الشمال من النقص وعدم البطش، فقال: "كلتا يديه يمين" إجلالًا وتعظيمًا أن يوصف بالشمال، وكذلك لو لم يجز إطلاق الشمال واليسار لما أطلق رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولو لم يجز أن يُقال: كلتا يدي الرحمن يمين لم يقله رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" (٥).


(٤) وكذلك الشيخ عبد العزيز بن باز. انظر مذكرة شرح كتاب التوحيد له ص (١٠٥).
والشيخ محمد خليل الهراس. انظر تعليقه على كتاب التوحيد لابن خزيمة (٦٦) حاشية (٤).
والشيخ عبد الله الدويش. انظر التوضيح المفيد لمسائل كتاب التوحيد (٢٥٩) مطبوع ضمن مجموعة مؤلفات الشيخ عبد الله الدويش رقم (١).
والشيخ عبد الله الغنيمان. انظر شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري (١/ ٣١١، ٣١٤، ٣١٨، ٣١٩).
(٥) رد الإمام الدارمي على المريسى ص (٥١٣) مطبوع ضمن كتاب عقائد السلف.

<<  <   >  >>