للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسلك الرابع]

أن المعنى أن الله تعالى لا يخلق شرًّا محضًا وأن الشر الذي يخلقه تعالى ليس شرًّا بالنسبة إليه، لأنه صادر عن حكمة بالغة، فقضاء الله وقدره كله خير لا شر فيه بوجه من الوجوه، وإنما يكون الشر في المقضي الذي هو مفعوله ومخلوقه.

ففرق بين فعل الله الذي هو فعله فإنه كله خير وبين مفعولاته ومخلوقاته فإن فيها الخير والشر.

وإلى هذا القول ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وابن أبي العز وسليمان بن عبد الله عليهم رحمة الله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ""والشر ليس إليك" فإنه لا يخلق شرًّا محضًا بل كل ما يخلقه ففيه حكمة، هو باعتبارها خير، ولكن قد يكون فيه شر لبعض الناس وهو شر جزئى إضافي، فأما شر كلى أو شر مطلق فالرب منزه عنه وهذا هو الشر الذي ليس إليه" (٦).

وقال ابن القيم عليه رحمة الله تعليقًا على قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "والشر ليس إليك": "فتبارك وتعالى عن نسبة الشر إليه، بل كل ما نسب إليه فهو خير، والشر إنما صار شرًّا لانقطاع نسبته وإضافته إليه، فلو أُضيف إليه لم يكن شرًّا، وهو سبحانه خالق الخير والشر، فالشر في بعض مخلوقاته لا في خلقه وفعله، وخلقه وفعله وقضاؤه وقدره خير كله.


(٦) مجموع الفتاوى (١٤/ ٢٦٦) وانظر (١٧/ ٩٤) شرح العقيدة الطحاوية (٥١٧) مسلم بشرح النووى (٦/ ٣٠٦) عون المعبود (٢/ ٣٢٩) تيسر العزيز الحميد (٦٩١ - ٦٩٢) إزالة الستار عن الجواب المختار لابن عثيمين (٣٨).

<<  <   >  >>