للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا تنَزَّه سبحانه عن الظلم الذي حقيقته: وضع الشيء في غير موضعه، فلا يضع الأشياء إلَّا في مواضعها اللائقة بِها، وذلك خير كله، والشر وضع الشىء في غير محله، فإذا وُضع في محله لم يكن شرًّا، فعُلم أن الشر ليس إليه وأسماؤه الحسنى تشهد بذلك" (٧).

وقال أيضًا: "القدر لا شر فيه بوجه من الوجوه فإنه علم الله وقدرته وكتابه ومشيئته، وذلك خير محض وكمال من كل وجه، فالشر ليس إلى الرب تعالى بوجه من الوجوه لا في ذاته ولا في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله وإنما يدخل الشر الجزئى الاضافي في المقضي المقدَّر، ويكون شرًّا بالنسبة إلى محلٍّ وخيرًا بالنسبة إلى محل آخر، وقد يكون خيرًا بالنسبة إلى المحل القائم به من وجه كما هو شر له من وجه بل هذا هو الغالب، وهذا كالقصاص وإقامة الحدود وقتل الكفار فإنه شر بالنسبة إليهم لا من كل وجه، بل من وجه دون وجه، وخير بالنسبة إلى غيرهم لما فيه من مصلحة الزجر والنكال ودفع الناس بعضهم ببعض" (٨).

* * *


(٧) شفاء العليل (٢/ ٦٤).
(٨) شفاء العليل (٢/ ٢٥٧) وانظر (٢/ ٢٦١) حادى الأرواح (٤٥٨).

<<  <   >  >>