للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث الترجيح]

الذي يظهر رجحانه -والله تعالى أعلم بالصواب- هو القول الثالث من مذهب الجمع وهو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية من التفريق بين فعل الرقية وبين طلبها، فطلبها مكروه قادح في كمال التوكل، وفعلها جائز مشروع ويشهد لهذا ما يلى:

١ - قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "من اكتوى أو استرقى فهو بريء من التوكل" (١) فجعل -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الاسترقاء هو المنافي للتوكل.

٢ - حديث أبي هريرة رضى الله عنه قال: جاءت امرأة إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِها لمم (٢) فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يشفيني قال: "إن شئت دعوت الله أن يشفيك وإن شئتِ صبرتِ ولا حساب عليكِ" -زاد الحاكم: "ولا عذاب"- قالت: بل أصبر ولا حساب عليّ (٣).

"فهذا الحديث يوافق حديث السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب والذي فيه أنَّهم لا يسترقون، فأرشدها -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى الأفضل وهو ترك


(١) تقدم تخريجه ص (١٥٥).
(٢) لمم: "اللمم: طرف من الجنون يلم بالإنسان. أي: يقرب منه ويعتريه" النهاية (٤/ ٢٧٢) لسان العرب (١٢/ ٥٥١).
(٣) أخرجه الإمام أحمد (١٩/ ٣) ح (٩٦٨٧) وابن حبان في صحيحه (٧/ ١٦٩) ح (٢٩٠٩) والحاكم في مستدركه (٤/ ٢٤٣) ح (٧٥١١) وقال: هذا حديث على شرط مسلم ولم يخرحاه، ووافقه الذهبى.
وقال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح خلا محمد بن عمرو وهو ثقة وفيه ضعف، مجمع الزوائد (٥/ ١١٦). وصحح إسناده أحمد شاكر في تعليقه على المسند وحسنه شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لصحيح ابن حبان.

<<  <   >  >>