للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مناقشة الأقوال المرجوحة]

- أما حمل الحديث على أنه يُعاقب بسبب بكاء أهله عليه وليس له في ذلك أدني سبب فبعيد جدًّا، وهو مخالف للإجماع السابق ذكره المبنى على ما ثبت بالكتاب والسنة من أنه لا يُعذب أحد بذنب غيره.

وأما ما ورد في قصة عمر مع صهيب وابنته حفصة وكذلك ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما فغير صريح في أنهما أرادا أن الميت يعاقب بذنب غيره دون أن يكون له فيه أدني سبب، بل يبقى من الأمور المحتملة، ولذلك قال الحافظ ابن حجر: "ويحتمل أن يكون عمر كان يرى أن المؤاخذة تقع على الميت إذا كان قادرًا على النهى ولم يقع منه، فلذلك بادر إلى نَهي صهيب وكذلك نَهي حفصة" (٣).

وغاية ما في حديث عمر وابنه رضي الله عنهما أنهما أطلقا الحديث في تعذيب الميت ببكاء أهله عليه ولم يقيداه بيهودي ولا كافر كما روت عائشة رضي الله عنها، كما لم يُقيداه بوصية ولا غيرها كما فعل آخرون والله أعلم.

- وأما ما ورد عن عائشة رضي الله عنها من معارضتها لحديث تعذيب الميت ببكاء أهله عليه واتِّهامها الراوي له بالخطأ والنسيان وعدم الحفظ فعنه ثلاثة أجوبة:

الجواب الأول: أن ما روته عائشة رضي الله عنها حديث وهذا حديث ولا تناقض بينهما ولا تعارض، بل لكل واحدٍ منهما حكمه، وكل واحد من الرواة أخبر عمَّا سمع وشاهد (٤).


(٣) فتح الباري (٣/ ١٥٣).
(٤) انظر كشف المشكل (١/ ٥٦) المفهم (٢/ ٥٨٢).

<<  <   >  >>