للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفأل بل هو على كلا القولين محمود ومشروع.

[الفرق بين الفأل والطيرة]

ذكر أهل العلم فروقًا كثيرة بين الفأل والطيرة، ومن أهمها ما ذكره ابن القيم بقوله: "وفي الفرقان بينهما فائدة كبيرة وهى: أن التطير هو التشاؤم من الشىء المرئي أو المسموع فإذا استعملها الإنسان فرجع بها من سفره وامتنع بها مما عزم عليه فقد قرع باب الشرك بل ولجه وبرئ من التوكل على الله وفتح على نفسه باب الخوف والتعلق بغير الله والتطير مما يراه أو يسمعه وذلك قاطع له عن مقام {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (٣١) و {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} (٣٢) و {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (٣٣) فيصير قلبه متعلقًا بغير الله عبادةً وتوكلًا فيفسد عليه قلبه وإيمانه وحاله ويبقى هدفًا لسهام الطيرة. . . فأين هذا من الفأل الصالح السار للقلوب المؤيد للآمال الفاتح باب الرجاء المسكن للخوف الرابط للجأش الباعث على الاستعانة بالله والتوكل عليه والاستبشار المقوي لأمله السار لنفسه فهذا ضد الطيرة، فالفأل يُفضي بصاحبه إلى الطاعة والتوحيد، والطيرة تفضي بصاحبها إلى المعصية والشرك فلهذا استحب -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الفأل وأبطل الطيرة" (٣٤).

وقال الحليمى: وإنما كان -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعجبه الفأل لأن التشاؤم سوء ظن بالله تعالى بغير سبب ظاهر، والتفاؤل حسن ظن به والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله


(٣١) سورة الفاتحة، آية: (٥).
(٣٢) سورة هود، آية (١٢٣).
(٣٣) سورة الشورى، آية: (١٠).
(٣٤) مفتاح دار السعادة (٣/ ٣١١) وانظر القول السديد للسعدى ص (٣١) ضمن المجموعة الكاملة ج ٣.

<<  <   >  >>