للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن قتيبة رحمه الله: "ونحن نقول في قوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} أنه معهم بالعلم بِما هم عليه، كما تقول للرجل وجهته إلى بلد شاسع ووكلته بأمر من أمورك: احذر التقصير والإغفال لشىء مِما تقدمت فيه إليك فإني معك، تريد أنه لا يخفى عليَّ تقصيرك أو جدّك للإشراف عليك والبحث عن أمورك .. وكيف يسوغ لأحد أن يقول: إنه بكل مكان على الحلول مع قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (٢٤) " (٢٥).

وقال ابن القيم: "ليس ظاهر اللفظ ولا حقيقته أنه سبحانه مختلط بالمخلوقات ممتزج بِها ولا تدل لفظة (مع) على هذا بوجه من الوجوه فضلًا أن يكون هو حقيقة اللفظ وموضوعه فإن (مع) في كلامهم لصحبته اللائقة وهى تختلف باختلاف متعلقاتِها ومصحوبِها، فكون نفس الإنسان معه لون، وكون علمه وقدرته وقوته معه لون، وكون زوجته معه لون، وكون أميره ورئيسه معه لون، وكون ماله معه لون، فالمعية ثابتة في هذا كله مع تنوعها واختلافها، فيصح أن قال: زوجته معه وبينهما شقة بعيدة" (٢٦).

الوجه الرابع: أن لفظ (المعية) جاء في كتاب الله عامًّا وجاء خاصًّا فلو كان المراد أنه بذاته مع كل شىء: لكان التعميم يناقض التخصيص (٢٧).

[الشبهة الثانية]

كما استدل الحلولية بقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ


(٢٤) سورة طه. آية (٥).
(٢٥) تأويل مختلف الحديث (٢٥١).
(٢٦) مختصر الصواعق (٢/ ٤٥٥).
(٢٧) انظر: شرح حديث النُّزول (٣٥٩)، مجموع الفتاوى (١١/ ٢٥٠).

<<  <   >  >>