للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلَهٌ} (٢٨) فقالوا في هذه الآية دليل على أن الله تعالى في كل مكان. ولا شك أن هذا الاستدلال باطل لأن معنى الآية بالإجماع: أنه المعبود في السماء وفي الأرض، فهي كقولك: فلان حاكم في مكة والمدينة، فإن هذا لا يعنى أنه موجود فيهما معًا، وإنما هو موجود في إحداهما، وربما يكون ليس موجودًا في كلتيهما.

وهذا المعنى للآية هو الذي عليه السلف وعامة المفسرين كالطبري (٢٩) والبغوي (٣٠) وابن كثير (٣١) وغيرهم، وقد أخرج الطبري والآجري والبيهقى عن قتادة قوله في معنى هذه الآية "هو الذي يعبد في السماء ويعبد في الأرض" (٣٢).

وقال الآجري في معنى الآية: "أنه جلَّ ذكره إله من في السموات وإله من في الأرض، إله يعبد في السموات وإله يعبد في الأرض، هكذا فسره العلماء" (٣٣).

وقال ابن قتيبة: "وأما قوله {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} فليس في ذلك ما يدل على الحلول بِهما، وإنما أراد به: أنه إله السماء وإله من فيها، وإله الأرض وإله من فيها ومثل هذا الكلام قولك: هو بخراسان أمير وبمصر أمير، فالإمارة تجتمع له فيهما، وهو حال بإحداهما أو بغيرهما، وهذا


(٢٨) سورة الزخرف. آية (٨٤).
(٢٩) انظر تفسيره المسمى: جامع البيان (١١/ ٢١٧).
(٣٠) انظر تفسيره المسمى معالم التنزيل (٤/ ١٤٧).
(٣١) انظر تفسير القرآن العظيم (٤/ ٢٠٧).
(٣٢) انظر تفسير الطبري (١١/ ٢١٧)، الشريعة للآجرى (٣/ ١١٠٤)، والأسماء والصفات للبيهقي (٢/ ٣٤٣).
(٣٣) الشريعة (٣/ ١١٠٤).

<<  <   >  >>