[المطلب الأول ذكر الأحاديث التي قد يوهم ظاهرها التعارض]
جاءت أحاديث الرقى في الصحيحين بكثرة وبأساليب متنوعة، وكلها لا تحرِّم من الرقى إلا ما كان شركًا، غير أن بعض هذه الأحاديث يُفهم منها كراهة الرقى ومنافاتها لكمال التوكل، والبعض الآخر يفيد جواز الرقى ومشروعيتها -حيث رقى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ورُقِيَ وأذن بالرقى وأمر بها- وإليك بيان هذه الأحاديث:
* أولًا: الأحاديث التي يُفهم منها كراهة الرقى ومنافاتها للتوكل، وهي كالتالي: -
[الحديث الأول]
حديث ابن عباس رضى الله عنهما قال: خرج علينا النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومًا فقال:"عُرِضت عليَّ الأمم، فجعل يمرُّ النبيُّ ومعه الرجل، والنبي ومعه الرجلان، والنبي ومعه الرهط، والنبي وليس معه أحد، ورأيت سوادًا كثيرًا سدَّ الأفق، فرجوت أن يكون أمتي، فقيل: هذا موسى وقومه، ثم قيل لي: انظر، فرأيت سوادًا كثيرًا يسدُّ الأفق، فقيل لي: انظر هكذا وهكذا، فرأيت سوادًا كثيرًا سدَّ الأفق، فقيل: هؤلاء أمتك، ومع هؤلاء سبعون ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب" فتفرق الناس ولم يُبيِّن لهم، فتذاكر أصحاب النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالوا: أمَّا نحن فوُلدنا في الشرك، ولكنا آمنا بالله ورسوله، ولكن هؤلاء هم أبناؤنا، فبلغ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: "هم الذين لا يتطيرون ولا يسترقون ولا يكتوون وعلى