للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الآجري: "والذي يذهب إليه أهل العلم أن الله عز وجل سبحانه على عرشه فوق سمواته وعلمه محيط بكل شىء .. فإن قال قائل: فأيش معنى قوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} (١٧) التي بِها يحتجون؟ قيل له: علمه عز وجل، والله عز وجل على عرشه وعلمه محيط بِهم وبكل شىء من خلقه، كذا فسره أهل العلم والآية يدل أولها وآخرها على أنه العلم.

فإن قال قائل: كيف؟ ! قيل: قال الله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} إلى آخر الآية قوله: {ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} فابتدأ الله عز وجل الآية بالعلم وختمها بالعلم فعلمه عز وجل محيط بجميع خلقه وهو على عرشه، وهذا قول المسلمين" (١٨).

الوجه الثالث: أن "لفظ المعية ليست في لغة العرب ولا شيء من القرآن يراد بها اختلاط إحدى الذاتين بالأخرى كما في قوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} (١٩) وقوله: {فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} (٢٠) وقوله: {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (٢١) وقوله: {جَاهَدُوا مَعَكُمْ} (٢٢) ومثل هذا كثير فامتنع أن يكون قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ} يدل على أن ذاته مختلطة بذوات الخلق" (٢٣).


(١٧) سورة المجادلة. آية (٧).
(١٨) الشريعة (٣/ ١٠٧٥) وانظر: الرد على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد (٩٥) مطبوع ضمن كتاب عقائد السلف، وانظر: المختار من الإبانة (١٤٤).
(١٩) سورة الفتح. آية (٢٩).
(٢٠) سورة النساء. آية (١٤٦).
(٢١) سورة التوبة. آية (١١٩).
(٢٢) سورة الأنفال. آية (٧٥).
(٢٣) شرح حديث النزول لابن تيمية (٣٦٠) وانظر مجموع الفتاوى (٥/ ١٠٣، ١٠٤).

<<  <   >  >>