للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واختار هذا القول ابن عبد البر رحمه الله حيث قال: "لا أعلم خلافًا بين العلماء في جواز الرقية من العين والحمة -وهي لدغة العقرب- وما كان مثلها إذا كانت الرقية بأسماء الله عز وجل وبما يجوز الرَّقْي به، وكان ذلك بعد نزول الوجع والبلاء به" (١٢).

وكذا اختار هذا القول البيهقى (١٣).

٣ - ما قاله الحليمى من أنه: يحتمل أن يكون المراد بِهؤلاء المذكورين في الحديث من غفل عن أحوال الدنيا وما فيها من الأسباب المعدة لدفع العوارض، فهم لا يعرفون الاكتواء ولا الاسترقاء، وليس لهم ملجأ فيما يعتريهم إلا الدعاء والاعتصام بالله والرضا بقضائه، فهم غافلون عن طب الأطباء ورقي الرقاة ولا يحسنون من ذلك شيئًا، والله أعلم" (١٤).

٤ - وقال الخطابي: "فأمَّا قوله: "هم الذين لا يسترقون" فليس في ثنائه على هؤلاء ما يُبطل جواز الرقية التي قد أباحها، ووجه ذلك أن يكون تركها من ناحية التوكل على الله والرضا بما يقضيه من قضاء وينْزله من بلاء، وهذا من أرفع درجات المؤمنين المتحققين بالإيمان، وقد ذهب هذا المذهب من صالحي السلف: أبو الدرداء وغيره من الصحابة" (١٥).

واختار هذا القول ابن الأثير والقاضى عياض والنووي عليهم رحمة الله.

قال ابن الأثير: "فهذا من صفة الأولياء المعرضين عن أسباب الدنيا الذين لا يلتفتون إلى شيء من علائقها" (١٦).


(١٢) الاستذكار (٢٧/ ١٨).
(١٣) كما نقل عنه ذلك ابن حجر في الفتح (١٠/ ١٩٦).
(١٤) انظر: المنهاج في شعب الإيمان (٢/ ٩) فتح الباري (١٠/ ٢١١، ٢١٢).
(١٥) أعلام الحديث (٣/ ٢١١٦) وانظر الفتح (١٠/ ٢١٢).
(١٦) النهاية (٢/ ٢٥٥).

<<  <   >  >>