للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مستحقًّا للعقاب وهذا بلا شك أمر متفق عليه عند أهل السنة.

وفي أحاديث الوعيد نجد أن جميع الأقوال تشترك في عدم كفر مرتكب الكبيرة كفرًا مخرجًا من الملَّة، إذا لم يكن مستحلًّا لها، وعدم خلوده في النار إن دخلها، وهذا أمر متفق عليه كما تقدم.

وفيما يلى مناقشة التوجيهات المرجوحة التي يمكن أن يُقال باطِّرادها في جميع أحاديث الوعيد، لأنَّها هى التي تتكرر كثيرًا ويُقال بِها في جميع أحاديث الوعيد (٤٢).

- أما ما ذهب إليه بعضهم من حمل هذه النصوص على المستحل لها (٤٣) فقد أنكره الإمام أحمد وقال: "لو استحل ذلك ولم يفعله كان كافرًا، والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "من فعل كذا وكذا .. "" (٤٤).

وقال الحافظ في الفتح بعد ما استبعد هذا القول: "لو كان مرادًا لم يحصل التفريق بين السباب والقتال (٤٥) فإن مستحل لعن المسلم بغير تأويل يكفر أيضًا" (٤٦).

- وأما حمل هذه الأحاديث على أن المراد بها الزجر والترهيب والتحذير، فقد رده أبو عبيد القاسم بن سلام فقال: هذا "أفظع تأوُّل على رسول الله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-


(٤٢) أما التوجيهات الخاصة المتعلقة بكل نوع من أنواع نصوص الوعيد فانظر في الرد عليها: الإيمان لأبى عبيد (٣٩ - ٤٠) السنة للخلال (٣/ ٥٧٦ - ٥٧٧) مجموع الفتاوى (٧/ ٥٢٥، ٦٧٤). فتح البارى (١/ ١١٣).
(٤٣) ومرادهم بالمستحل لها: المستحل لها من غير تأويل سائغ، ومن غير جهل، لأنَّ مَنْ هذا حاله فإنه كافر بالإجماع وأما إن كان متأولًا تأوُّلًا سائغًا أو كان جاهلًا فإنه لا يكفر والله أعلم. انظر: شرح العقيدة الطحاوية (٤٣٣). الجهل بمسائل الاعتقاد وحكمه لعبد الرزاق بن طاهر.
(٤٤) مدارج السالكين (١/ ٤٢٧).
(٤٥) يعنى في قوله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" وقد تقدم تخريجه ص (٣٤٢).
(٤٦) فتح البارى (١/ ١١٣).

<<  <   >  >>