للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أنه ثبت عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه رقى نفسه وغيره ولم يثبت عنه أنه كان يسترقى، وحاله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أكمل الأحوال.

٣ - أن هناك فرقًا بين الراقى والمسترقي: فالمسترقي سائل مستعطٍ ملتفت إلى غير الله بقلبه والراقي محسن نافع وقد قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد سُئِل عن الرقى: "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه" (٢١).

وأما ما ورد في صحيح مسلم من رواية سعيد بن منصور: "ولا يرقون" فقد قرر شيخ الإسلام ابن تيمية أنَّها وهم وغلط من الراوي فقال رحمه الله: "وقد رُوي فيه "ولا يرقون" وهو غلط، فإن رقياهم لغيرهم ولأنفسهم حسنة، وكان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يرقى نفسه وغيره ولم يكن يسترقى، فإن رقيته نفسه وغيره من جنس الدعاء لنفسه ولغيره، وهذا مأمور به فإن الأنبياء كلهم سألوا الله ودعوه كما ذكر الله ذلك في قصة آدم وإبراهيم وموسى، وغيرهم" (٢٢).

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: "والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يجعل ترك الإحسان المأذون فيه سببًا للسبق إلى الجنان، وهذا بخلاف ترك الاسترقاء فإنه توكلٌ على الله ورغبة عن سؤال غيره ورضاءٌ بما قضاه، وهذا شىء وهذا شىء" (٢٣).

وقال الألباني عن رواية "لا يرقون": "شاذة تفرد بِها شيخ مسلم سعيد بن منصور" (٢٤).


(٢١) انظر مفتاح دار السعادة (٣/ ٢٧٩).
(٢٢) مجموع الفتاوى (١/ ١٨٢) وانظر (١/ ٣٢٨).
(٢٣) مفتاح دار السعادة (٣/ ٢٧٩) وانظر حادي الأرواح ص (١٧٦).
(٢٤) مختصر صحيح مسلم ص (٣٧) حاشية (١) وانظر السلسلة الصحيحة (١/ ٤٣٥) وكذا حكم عليها بالشذوذ شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لرياض الصالحين ص (٧٧) حاشية (٢).

<<  <   >  >>