للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقدمونَها إليه وهى طاعته في عبادة غيره من المخلوقات ناطقها وصامتها" (٢).

وقد أجيب عن هذا الإشكال -أو الاعتراض- بأنه لا مانع من أنّ الشيطان كان يسعى جهده لإيقاع المشركين عبدة الأصنام والأوثان في عبادته نفسه، وأنه كان يأمل أن يعبدوه حقيقة مباشرة كما كانوا يعبدون الأحجار والأشجار والإنسان والحيوان وغير ذلك من أصناف المعبودات، وأنه كان عظيم الرجاء في أن يصل إلى هذه الغاية الشيطانية العظيمة، فلما انتشر الإسلام واتسعت رقعته وعلا شأنه وارتفع، انقطع على الشيطان رجاءه هذا، وأفسد عليه أمنيته هذه ورأى أنّه قد ظنّ باطلًا، ورجا ما لن يكون أبدًا، فانقلب ذلك الرجاء يأسًا، والأمل قنوطًا، والسعي خيبة، فأعلن يأسه وباح بإفلاسه، ونادى بويله وثبوره، فأعلن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هذه الحقيقة وقال: "إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب" (٣).

فإن توجه هذا الجواب كان الإشكال الثاني قائمًا وهو:

الأمر الثاني الذي يشكل على هذا القول: أنّ الحديث قد ورد برواية لا يستقيم معها هذا القول وهى: (إن إبليس يئس أن تعبد الأصنام بأرض العرب ولكنه سيرضى بدون ذلك منكم .. ) (٤).

* * *


(٢) المرجع السابق (٢/ ١٢٣).
(٣) انظر المرجع السابق (٢/ ١٢٣، ١٢٤).
(٤) أخرجه الحاكم (٢/ ٣٢) ح (٢٢٢١) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبى، وأخرجه أيضًا أبو يعلى في مسنده (٦/ ٥٧) ح (٥١٢٢).

<<  <   >  >>