للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وطرده في جميع نصوص الوعد والوعيد المتعلقة بأحكام الآخرة، وهو القول: بحملها على ظاهرها وإطلاقها كما جاءت واعتقاد أن هذا العمل سبب لاستحقاق الوعيد (٣١) المرتب عليه، لكن لا يحكم على معين باستحقاقه لهذا الوعيد حتي تتوفر فيه الشروط وتنتفي عنه الموانع، ويقوم به المقتضي الذي لا معارض له.

قال رحمه الله: "نصوص الوعيد من الكتاب والسنة كثيرة جدًّا، والقول بموجبها واجب على وجه العموم والإطلاق من غير أن يعيَّن شخص من الأشخاص فيُقال: هذا ملعون أو مغضوب عليه أو مستحق للنار لا سيما إن كان لذلك الشخص فضائل وحسنات فإن من سوى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يجوز عليهم الصغائر والكبائر مع إمكان أن يكون ذلك الشخص صديقًا أو شهيدًا أو صالحًا، لما تقدم أن موجب الذنب يتخلف عنه بتوبة أو حسنات ماحية أو مصائب مكفرة أو شفاعة أو بمحض مشيئة الله ورحمته" (٣٢).

وقال أيضًا: "لعن المطلق لا يستلزم لعن المعيَّن الذي قام به ما يمنع لحوق اللعنة له، وكذلك التكفير المطلق والوعيد المطلق، ولهذا كان الوعيد المطلق في الكتاب والسنة مشروطًا بثبوت شروط وانتفاء موانع، فلا يلحق التائب من الذنب باتفاق المسلمين" (٣٣).

٢ - أن الوعيد في هذه النصوص إنما يكون في حق المستحل لهذه المعاصي


(٣١) ومراده باستحقاق الوعيد: استحقاق العذاب، وليس مراده الخلود في النار أو عدم دخول الجنة مطلقًا، كما أنّ استحقاق العذاب لا يعني أنّه لابد من وقوعه، وإنما المراد أنّ هذا الشخص مستحق لإنزال العقوبة المذكورة عليه، فقد تقع لاستحقاقه لها، وقد لا تقع بسبب عفو ورحمة صاحب الشأن المقرر للعقوبة وهو الله تعالى.
(٣٢) رفع الملام عن الأئمة الأعلام (٩٢).
(٣٣) مجموع الفتاوى (١٠/ ٣٢٩ - ٣٣٠) وانظر (٢٨/ ٥٠٠ - ٥٠١) لوامع الأنوار (١/ ٣٧١).

<<  <   >  >>