للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويأتي به آخر مختصرًا، ويأتي ثالث ببعض معناه دون بعض، فيُظن بسبب ذلك التناقض والاختلاف بين هذه الأخبار.

ثالثًا: أن الرجل قد يحدث عنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذكر الجواب دون السؤال الذي بمعرفته يزول الإشكال وينتفى التعارض والاختلاف.

رابعًا: أن يكون أحد الحديثين ناسخًا للآخر فيجهل البعض التناسخ بينهما فيظن ويتوهم أن بينهما تعارضًا واختلافًا، بينما الأمر على خلاف ذلك، فإذا عُرف أن أحدهما ناسخ للآخر زال التعارض وانتفى الإشكال.

خامسًا: أن يكون التعارض في فهم السامع، ونظر المجتهد لا في كلامه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وذلك أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عربي اللسان والدار فقد يقول القول عامًّا يريد به العام، وعامًّا يريد به الخاص، ومطلقًا قد قيده في موضع آخر (١٤) .. إلخ.

قال ابن القيم: "وما يؤتى أحدٌ إلا من غلط الفهم أو غلطٍ في الرواية، متى صحت الرواية وفُهمت كما ينبغي تبيَّن أن الأمر كله من مشكاة واحدة صادقة متضمنة لنفس الحق، وبالله التوفيق" (١٥).

سادسًا: الجهل بسعة لسان العرب، فإن العرب تسمى الشيء الواحد بالأسماء الكثيرة، وتسمي بالاسم الواحد المعاني الكثيرة، كل هذا وغيره من لسان العرب وفطرته، وبلسانِها نزل القرآن وجاءت السنة، فمن جهل ذلك اختلف عنده العلم بالكتاب والسنة (١٦).

* * *


(١٤) انظر: الرسالة للشافعي (٢١٣) زاد المعاد لابن القيم (٤/ ١٤٩) منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد (١/ ٣٢٠).
(١٥) شفاء العليل (١/ ٦٧).
(١٦) انظر الرسالة للشافعي (٥٢).

<<  <   >  >>