(١٢) يرد سؤال هنا وهو: لماذا لم يقتله النبى -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع أنه يدعى النبوة؟ ! الجواب: عن هذا السؤال من وجهين ذكرهما أهل العلم: الوجه الأول: أن هذه القصة جرت له معه أيام مهادنة اليهود وحلفائهم، وذلك أنه لما قدم النبى -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة كتب بينه وبينهم كتابًا صالحهم فيه على أن لا يُهاجوا وأن يُتركوا على أمرهم، وكان ابن صياد في جملة القوم، ويؤيد هذا ما رواه الإمام أحمد عن جابر رضي الله عنه أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه لما استأذنه في قتل ابن صياد: "إن يكن هو فلست صاحبه إنما صاحبه عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وإن لا يكن هو فليس لك أن تقتل رجلًا من أهل العهد" أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٤/ ٣٤٥) ح (١٤٥٣٨) والبغوي في شرح السنة (١٥/ ٨٠) وقال الهيثمى في المجمع (٨/ ٣، ٤): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وبهذا الجواب جزم الخطابى والبغوي وابن العربي، وذكره ابن الجوزي والنووي، وقال ابن حجر: هو المتعين. انظر: معالم السنن (٤/ ٣٢٣) شرح السنة (١٥/ ٨٠) عارضة الأحوذي (٩/ ٧٤) كشف المشكل (١/ ٣٣٦) مسلم بشرح النووي (١٨/ ٢٦٤) فتح الباري (٦/ ١٧٤). الوجه الثاني: أنه حين جرت له معه هذه القصة كان صبيًّا غير بالغ، ولا حكم لقول الصبى، ومما يدل على هذا ما جاء في حديث ابن عمر أن النبى -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجده يلعب مع الصبيان وقد قارب ابن صياد الحلم، ذكر هذا الوجه البيهقى واختاره القاضي عياض كما أفاده النووي، انظر: مسلم بشرح النووي (١٨/ ٢٦٤) عارضة الأحوذي (٩/ ٧٤) كشف المشكل (١/ ٣٣٦). قلت: ولا مانع من القول بكلا الوجهين، والله أعلم.