للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجاب أصحاب هذا القول عن تردد النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أمر ابن صياد بجوابين:

أحدهما: أن التردد كان قبل أن يُعلمه الله تعالى بأنه هو الدجال فلما أعلمه لم ينكر على عمر حلفه.

والثاني: أن العرب قد تخرج الكلام مخرج الشك وإن لم يكن في الخبر شك فيكون ذلك من تلطف النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعمر في صرفه عن قتله (٢٧).

الفريق الثاني: وهم الذين يذهبون إلى أن ابن صياد ليس هو المسيح الدجال وإنما هو دجال من الدجاجلة، وأن المسيح الدجال هو الوارد في حديث الجساسة، وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم كالبيهقي وابن الأثير وابن تيمية وابن كثير والبرزنجي وغيرهم.

قال البيهقى رحمه الله: "وليس في حديث جابر أكثر من سكوت النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لقول عمر فيُحتمل أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان كالمتوقف في أمره ثم جاءه البيان أنه غيره كما صرح به في حديث تميم" (٢٨).

وقال ابن الأثير: "الذي صح عندنا أنه ليس الدجال" (٢٩).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: " .. عبد الله بن صياد الذي ظهر في زمن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكان قد ظن بعض الصحابة أنه الدجال، وتوقف النبى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أمره حتي تبين له فيما بعد أنه ليس هو الدجال لكنه كان من جنس الكهان" (٣٠).

وقال ابن كثير رحمه الله: "والمقصود أن ابن صياد ليس بالدجال الذي يخرج في آخر الزمان قطعًا وذلك لحديث فاطمة بنت قيس الفهرية فإنه فيصل في


(٢٧) انظر فتح البارى (١٣/ ٣٢٥) نيل الأوطار للشوكاني (٧/ ٢٣٩).
(٢٨) مسلم بشرح النووى (١٨/ ٢٦٣).
(٢٩) أسد الغابة (٣/ ٢٨٣).
(٣٠) مجموع الفتاوى (١١/ ٢٨٣).

<<  <   >  >>