للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا تبين هذا فعلى أي الدخانين تُحمل الآيات التى في سورة الدخان؟ هل نحملها على ما أصاب قريشًا كما فعل ابن مسعود رضى الله عنه؟ أم نحملها على أنه الدخان الذي يكون من علامات الساعة قرب قيامها؟ !

في ظني أن هذا هو موطن النزاع وسبب الخلاف، والحقيقة أن الآية وهي قوله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} تحتمل كلا القولين فإننا إذا نظرنا إلى سياق الآية وما قبلها وما بعدها وجدنا أنَّها تؤيد ما ذهب إليه ابن مسعود رضى الله عنه، ولذلك فإنه حتي الذين خالفوه: منهم من فسَّر بعض تلك الآيات بما حصل لقريش كالبطشة الكبرى فإن منهم من فسرها بوقعة بدر، وإذا نظرنا إلى لفظ الآية وأن الأصل أن يحمل الدخان على الحقيقة والذي في حديث ابن مسعود ليس دخانًا حقيقة وإنما هو شىء تتوهمه قريش أنه دخان، إذا نظرنا إلى هذا وجدنا أن الآية تؤيد ما ذهب إليه غير ابن مسعود رضى الله عنه، وإن كان الطحاوي رحمه الله قد أجاب عن هذا بأن المذكور في حديث ابن مسعود سمى دخانًا على المجاز لتوهم قريش أنه دخان على الحقيقة (٢)، ولكن هذا الجواب غير مقنع.

وعلى كل حال فإنه حتي لو قلنا إن الآية تؤيد ما ذهب إليه ابن مسعود فإنه لا يُعارض كون الدخان من علامات الساعة وأنه لم يأت بعد، وذلك بحمل ما جاء في النصوص والآثار على أنَّهما دخانان كما تقدم، ويكون الدخان الذي هو من علامات الساعة ثابتًا في السنة فقط كما ذهب إلى هذا الشيخ مرعي فيما نقل عنه السفارينى (٣) والله تعالى أعلم.

* * *


(٢) انظر مشكل الآثار (١/ ٢٨٧).
(٣) انظر لوامع الأنوار (٢/ ١٣١).

<<  <   >  >>