للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفرق بين الإرادتين:

١ - أن الإرادة الكونية تتعلق فيما وقع، سواءً أحبه الله أم كرهه، وأما الإرادة الشرعية فتتعلق فيما أحبه الله سواءً وقع أم لم يقع.

٢ - الإرادة الكونية يتعين فيها وقوع المراد، وأما الإرادة الشرعية فلا يتعين فيها وقوع المراد (٩).

وبناءً على هذا التفصيل نقول: إن الله تعالى أراد الشر والكفر والمعاصي كونًا وقدرًا، لكنه لم يردها شرعًا لأنه تعالى لا يحبها ولا يرضاها كما قال عز وجل: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} (١٠).

قال ابن القيم رحمه الله: "وتحقيق القول في ذلك: أنَّه يمتنع إطلاق إرادة الشر عليه وفعله، نفيًا وإثباتًا لما في إطلاق لفظ الإرادة والفعل من إيهام المعنى الباطل، ونفى المعنى الصحيح، فإن الإرادة تطلق بمعنى المشيئة وبمعنى المحبة والرضا" (١١).

وقال أيضًا: "فإذا قيل هو مريد للشر أوهم أنَّه محب له راض به، وإذا قيل إنه لم يرده أوهم أنه لم يخلقه ولا كوَّنه وكلاهما باطل" (١٢).

وقد ضل في هذه المسألة فريقان من الناس:

أحدهما: المعتزلة القدرية.

وثانيهما: المجبرة الجهمية.

أما الأولى فقالت: إن الشر والكفر والمعاصي لا يحبها الله ولا يرضاها


(٩) انظر مجموع الفتاوى (٨/ ١٥٩، ٤٧٦، ٤٤٠) شفاء العليل (١/ ١٤٢) شرح العقيدة الطحاوية (٧٩).
(١٠) سورة الزمر. آية (٧).
(١١) شفاء العليل (٢/ ٢٦٠).
(١٢) شفاء العليل (٢/ ٢٦٠).

<<  <   >  >>