للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ} (٢).

والوجه الثاني: أن تستعمل (لو) لبيان علم نافع أو لبيان محبة الخير وإرادته، وهذا جائز فمثال الأول قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (٣)، ومثال الثاني: ما جاء في الحديث "لو أن لى مالًا لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء" (٤)، (٥).

قال النووي رحمه الله: "الظاهر أن النهى إنما هو عن إطلاق ذلك في ما لا فائدة فيه فيكون نهى تنزيه لا تحريم، فأما من قاله تأسفًا على ما فات من طاعة الله أو ما هو متعذر عليه من ذلك ونحو هذا فلا بأس به، وعليه يحمل أكثر الاستعمال الموجود في الأحاديث" (٦).

وقال القرطبى: "محل النهى عن إطلاقها إنما هو فيما إذا أطلقت في معارضة القدر، أو مع اعتقاد: أن ذلك المانع لو ارتفع لوقع خلاف المقدور، فأما لو أخبر بالمانع على جهة أن تتعلق به فائدة في المستقبل، فلا يختلف في


(٢) سورة آل عمران. آية (١٥٦).
(٣) سورة الأنبياء. آية (٢٢).
(٤) ونص الحديث بتمامه: "إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالًا وعلمًا فهو يتقى ربه ويصل رحمه ويعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علمًا ولم يرزقه مالًا فهو صادق النية يقول: لو أنّ لي مالًا لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالًا ولم يرزقه علمًا يخبط في ماله بغير علم، ولا يتقى فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقًّا فهو بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالًا ولا علمًا فهو يقول: لو أن لي مالًا لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته فوزرهما سواء" أخرجه الترمذى من حديث أبى كبشة الأنمارى (تحفة ٦/ ٦١٥) ح (٢٤٢٧) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه (٢/ ١٤١٣) ح (٤٢٢٨) وأحمد في المسند (٥/ ٢٧٢) ح (١٧٥٦٣) وصححه الألباني كما في صحيح سنن ابن ماجه (٣/ ٣٧٧).
(٥) انظر مجموع الفتاوى (٨/ ٣٤٧ - ٣٤٨) إعلام الموقعين لابن القيم (٣/ ١٥٧) زاد المعاد (٢/ ٣٥٧). تيسير العزيز الحميد (٦٨٨) فتح المجيد (٥٥٧) القول السديد للسعدى (١٧٢).
(٦) مسلم بشرح النووى (١٦/ ٤٥٦).

<<  <   >  >>