للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومن كذبَ منهما، لم يَصِحَّ في حقِّه باطنًا، وما أخذَ حرامٌ.

ولا يصحُّ بعِوَضٍ عن حدٍّ، أو شُفعةٍ،

بوديعةِ أو تفريطٍ فيها أو قرضٍ، فأنكرَ وصالحَ على مالٍ، فهو جائز (١)، ذكرهَ في "الشرح" (٢) وغيرِه، وصلحُ الإنكارِ في حقِّ مدَّعٍ: بيعٌ يردُّ بعيبٍ فيما أخذَه، ويُفسخُ الصلحُ، ويؤخذُ منه بشُفعةٍ إن كان العوضُ مشفوعًا. وفي حقِّ منكِرٍ: إبراءٌ؛ لأنَّه افتدى بيمينِه، فلا ردَّ له ولا شُفعةَ، بخلافِ صلحِ الإقرارِ، فإنَّ الاعتياضَ عن المقرِّ به بيعٌ في حقِّهما.

(ومن كذبَ منهما) في دعواه أو إنكارِه، وعَلمَ بكذبِ نفسِه (لم يَصِحَّ) الصلحُ (في حقِّه باطنًا) لأنَّه عالمٌ بالحقِّ، قادرٌ على إيصالِه لمستحقِّه (وما أخذَه) من العوضِ (حرامٌ) عليه؛ لأنَّه أَكْلٌ للمالِ بالباطلِ.

(ولا يَصِحُّ) الصلحُ (بِعوَضٍ عن حَدِّ) سرقةٍ وقذفٍ وغيرِهما؛ لأنَّه ليس بمالٍ، ولا يؤولُ إليه (أو) (٣) عن حقِّ (شُفعةٍ) لأنَّها شُرعت إزالةً لضررِ الشركةِ فلا يُعتاضُ عنها


= من حديث عمرو بن عوف المزنى .
وأخرجه أيضًا ابن ماجه (٢٣٥٣) من حديث عمرو بن عوف، وأحمد (٨٧٨٤) من حديث أبي هريرة دون الاستثناء، وسكت عنه الحاكم وقال: شاهده حديث عمرو بن عوف وبه يعرف. وقال الذهبي عقب حديث أبي هريرة: منكر. وقال عقب حديث عمرو بن عوف: واه.
وقال ابن حجر في "بلوغ المرام" ص ١٤٤: رواه الترمذي وصحَّحه وأنكروا عليه؛ لأن راويه كثير بن عبد الله بن عمرو ضعيف، وكأنه اعتبره بكثرة طرقه، وقد صححه ابن حبان من حديث أبي هريرة.
وقال البيهقي في "السنن الكبرى" ٦/ ٦٥ عند ذكر الحديث: ورواية كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف إذا انضمت إلى ما قبلها -يعني حديث أبي هريرة- قويتا.
وقال ابن حجر في "التلخيص الحبير" ٣/ ٤٤ نقلًا عن الرافعي: ووقف هذا الحديث على عمر أشهر. اهـ وخبر عمر أخرجه مالك في "المدونة" ٤/ ٣٦٤ - ٣٦٥، والبيهقي في "السنن الكبرى" ٦/ ٦٥، من طرق مرسلة عن عمر أنَّه كتب إلى أبي موسى الأشعرى أن الصلح جائز بين المسلمين … الخبر.
(١) جاء في هامش (س) ما نصه: "قوله: فهر جانز. انظر ما معنى الجواز فيه مع أن أحدهما غير محق؟ انتهى. قلت: هو بمعنى الصحة، أي: ظاهر، كما سيذكر في المتن بعده. انتهى".
(٢) "الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف" ١٣/ ١٤٩ - ١٥٠.
(٣) في (ح): "و".