للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حتَّى يسقطَ، ولا أجرةَ، فإنْ سقط، لم يُرَدَّ بلا إذنِه.

وتُضمنُ العاريةُ ولو لم يفرَّطْ، أو شَرَطَ نَفْيَ ضمانِها غير كتبِ وقفٍ ونحوِها،

(حتَّى يسقطَ) الخشبُ أو البناءُ؛ لأنَّه يرادُ للبقاءِ وفيه ضررٌ على المستعيرِ بِقَلْعِه (ولا أجرة) لمعيرٍ في الحالةِ المذكورة؛ لأنَّ بقاءَه بحكمِ العارية، فوجب كونُه بلا أجرةٍ. بخلافِ من أعارَ أرضًا لزرعٍ، ثمَّ رجَعَ فيبقى الزَّرعُ بأجرةِ [مِثْلٍ لحصَاده] (١)؛ جمعًا بين الحقَّيْن (فإنْ سقطَ) خشبٌ أو بناءٌ لهدمٍ أو غيرهِ (لم يردَّ) أي: لم يُعَدِ الخشبُ (بلا إذنِه) أي: المعيرِ؛ لأنَّ الإذنَ تناولَ الأوَّل، فلا يتعدَّاه لغيرِه بلا إذنٍ جديدٍ، أو عندَ الضَّرورةِ إلى وضعهِ إذا لم يتضرَّرِ الحائطُ، كما تقدَّم في "الصُّلْحِ" (٢). واستظهرَ ابنُ نصرِ الله أن محلَّه إذا كان صاحبُ الحائطِ طالَبَ برفعِ ما عليه، وإلا فيعيدُه؛ استصحابًا للإذنِ الأوَّل.

(وتُضمنُ العاريةُ) المقبوضةُ إذا تلِفَتْ في غير ما استُعيرت له؛ لقوله : "وعلى اليَدِ ما أخذتْ حتَّى تؤدّيَه" رواهُ الخمسة (٣)، وصحَّحَه الحاكمُ (٤).

فيضمنُها مستعيرٌ (ولو لم يفرَّطْ) في حِفْظِها (أو شَرَطَ نَفْيَ) أي: عَدَم (ضَمانِها) فيلْغُو الشَرْطُ؛ لأنَّ كلَّ عقدٍ اقتضى الضَّمانَ، لم يغيِّرْه الشَّرْطُ. وإن تَلِفتْ هي أو جزؤُها في انتفاعٍ بمعروفٍ، لم تُضمن؛ لأنَّ الإذنَ في الاستعمالِ تَضَمَّن الإذنَ في الإتلاف، وما أُذِن في إتلافِه غيرُ مضمونٍ (غير كتبِ) علمٍ (وقفٍ ونحوِها) كدروعٍ موقوفةٍ على غُزاةٍ، فلا تُضمنُ بلا تفريطٍ، كسرقةٍ من حِرْزِ مثلها؛ لأنَّ قابضَها قبضَها


(١) في (س): "مثل الحصاد"، وفي (ح) و (م): "مثله لحصاده".
(٢) ص ١٠.
(٣) أبو داود (٣٥٦١)، والترمذي (١٢٦٦)، والنسائي في "الكبرى" (٥٧٥١)، وابن ماجه (٢٤٠٠)، وأحمد (٢٠٠٨٦) عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب . قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(٤) في "المستدرك" ٢/ ٤٧، ووافقه الذهبي.