ارتفاعِ الحدثِ، ولا معنى هنا لارتفاعِ الارتفاعِ، بل يلزمُ عليه الإخبارُ عن الشيءِ بنقيضِه، أو بإثباتِ نقيضِه؛ لأنَّ ارتفاعَ ارتفاعِ الحدثِ نفسُ الحدثِ، أو إثباتٌ، فيكون حاصلُ التركيب: الطهارةُ ارتفاعُ حدثٍ، ونفسُ الحدثِ إثباتُه، وهو باطلٌ وغيرُ مرادٍ، وإنَّما المراد أنَّ طهارةَ الحدثِ قسمان: قسمٌ هو ارتفاعُ الحدثِ، وآخرُ هو وصفٌ في معنى ارتفاع الحدثِ، وليس ارتفاعًا حقيقةً.
واعلم أنَّه لا يصحُّ أن يُفسَّر ما في معنى الارتفاعِ بما على صورته؛ لأنَّه معنى من المعاني لا صورةَ له في الخارجِ.
(وزوال نجس) حكمي بالماءِ الطهورِ، ولو لم يُبحْ، فتزولُ النجاسةُ بنحو ماءٍ مغصوب؛ لأنَّ إزالتَها من قسمِ الترك، ولعدمِ احتياجِه الى النيةِ، بخلافِ رفع الحدثِ، وتزولُ النجاسةُ بالماءِ وحدَه إن لم تكن من نحوِ كلبٍ.
اعلم أن المنهيَّ عنه أقسامٌ: أحدُها: أن يكونَ المنهيُّ عنه لعينِه، كالنهي عن الكفر والكذب.
الثاني: أن يكونَ المنهيُّ عنه لوصفِه اللازمِ له، كالنهي عن صومِ يوم العيد وأيام التشريق في غير نسكٍ.
الثالث: أن يكونَ لأمرٍ خارجٍ غير لازم، كالبيع بعدَ نداءِ الجمعة، وكالوضوء بماءٍ مغصوبِ، فإنَّ النهي عنهُ لأمرِ خارجِ عنه -وهو الغصبُ- منفكٍّ عنه بالإذنِ من صاحبه، أو الملكِ ونحوه، فهذا الأخيرُ، الصحيحُ من المذهبِ أنَّه كالذي قبلَه في اقتضاءِ الفسادِ، وعليه كثيرٌ منَ العلماءِ. "شرح التحرير"(١).
(١) "شرح الكوكب المنير" لابن النجار ٣/ ٨٤ وما بعدها، والكلام المتعلّق بالنهي ذكره المصنِّف استطرادًا عند ذكر إزالة النجاسة وأنها من قسم الترك.