للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يدخلُ دارًا، فأدخلَها بعضَ جسدِه، أو دخل طاقَ البابِ. أو لا يلبَسُ ثوبًا من غَزْلها، فلبس ثوبًا فيه منه، أو لا يشربُ ماءَ هذا الإناءِ، فشربَ منه، لم يحنثْ.

وإنْ فعل المحلوفَ عليه ناسيًا أو جاهلًا، حنث في طلاقٍ وعتقٍ فقط. وليفعلنَّ كذا، لم يَبرَّ حتى يفعلَه (١) كلَّه.

(و) إنْ حلفَ (لا يدخلُ دارًا، فأدخلَها بعضَ جسدِه، أو دخل طاقَ الباب) لم يحنثْ؛ لعدمِ وجودِ الصِّفة؛ إذ البعضُ لا يكون كلًّا. (أو) حلفَ (لا يلبَس ثوبًا مِنْ غَزْلها، فلبِس ثوبًا فيه منه) أي: من غَزْلها، لم يحنث؛ لأنَّه لم يلبسْ ثوبًا كلَّه من غزلها. (أو) حلف (لا يشربُ ماءَ هذا الإناء، فشربَ منه) أي: بعضه (لم يحنثْ) لما تقدَّم، بخلافِ ما لو حلف لا يشربُ ماءَ هذا النَّهر، فشربَ بعضَه، فإنَّه يحنث؛ لأنَ شربَ جميعه ممتنعٌ؛ فلا ينصرفُ إليه يمينُه.

(وإن فعلَ المحلوفَ عليه) مُكرَهًا، أو مجنونًا، أو مغمىً عليه، أو نائمًا، لم يحنَثْ مطلقًا. و (ناسيًا أو جاهلًا، حَنِث في طلاقٍ وعِتقٍ فقط) لأنَّهما حقُّ آدميٍّ؛ فاستوى فيهما العَمْد والنِّسيان والخطأ، كإتلافٍ، بخلاف يمينٍ بالله . وكذا لو عَقدها يظنُّ صِدْقَ نفسِه، فبان خلافُ ظنِّه، يحنَث في طلاقٍ وعتقٍ فقط. (و) إنْ حلف (ليفعلنَّ كذا) أي: شيئًا عيَّنه (لم يَبَرَّ حتَّى يفعَله كلَّه) فمنْ حلَف ليأكلنَّ هذا الرغيفَ، لم يبَرَّ حتَّى يأكلَه كلَّه؛ لأنَ اليمينَ تناولتْ فِعْلَ الجميعِ، فلم يَبرَّ إلَّا بفعلِه. وإنْ تركه مُكرَهًا أو ناسيًا، لم يحنثْ كما في "المنتهى" (٢). وفي "الإقناع" (٣): يحنثُ في طلاقٍ وعتقٍ كالتي قبلَها، ومَنْ يمتنعُ بيمينه، كزوجةٍ وقريبٍ إذا قصدَ منْعَه كنفسِه.


(١) في المطبوع: "يفعل"، والمثبت موافق لما في "هداية الراغب".
(٢) ٢/ ١٧٢.
(٣) ٣/ ٥٣١.