للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

طَهورٌ: يرفَع الحدَثَ،

لأنَّ الماءَ إمَّا أَنْ يجوزَ الوضوءُ بهِ، أَوْ لا، فالأوَّلُ: الطَّهورُ، والثاني: إمَّا أنْ يجوزَ شربُهُ، أوْ لا؛ فالأوَّل: الطَّاهرُ، والثاني: النَّجسُ.

وقد ذكرَ المصنفُ الأولَ بقولهِ: (طهورٌ) بمعنى مطهِّر، أي: أوَّلُها طهورٌ (يرفَع) وحدَه دونَ قسيميهِ بقرينةِ المقامِ (الحَدثَ) أي: يزيلُ الوصفَ القائمَ بالبدنِ المانعَ من

قوله في ماءِ الحوضِ: "إنَّه أشدُّ بَياضًا من اللبنِ" (١). وهمزتُه مُنقلبةٌ عن هاءٍ؛ لأنَّ أصلَه

مَوَهٌ، تَحركتِ الواوُ وانفتح ما قبلَها فقُلبت ألفًا، وجُمعت في القلةِ أمواه، وعند الكوفيينَ مياه جمعُ قلَّةِ أيضًا، وهو اسمُ جنسٍ يقعُ على القليلِ والكثيرِ، فحقُّه أن لا يُجمَعَ، وإنَّما جمعُه باعتبارِ أنواعِه (٢).

(لأنَّ الماءَ إمَّا أن يجوزَ … إلخ) هذا دليلُ حصره في الأقسامِ الثلاثةِ.

(طهور) قدَّمه على قَسِيْمَيْهِ؛ لمزيتِه على الصِّنفين الأخيرين؛ لأنَّه يُستعمل في العاداتِ والعباداتِ، وهو الطاهرُ في نفسِه المُطهِّر لغيرِه. وطَهورُ على وزنِ فَعولُ (٣)، فعلى هذا هو من الأسماءِ المتعدِّيةِ وِفاقًا لمالكٍ والشافعيِّ، قال في "الفروع": قال أصحابُنا: هو من الأسماءِ المتعدِّيةِ بمعنى المُطهِّر. دَنوشري (٤).

(بقرينةِ المقام) لأنه في مقامِ البيان، وهو يفيدُ الحصرَ، أي: مقام تقسيمِ الماءِ إلى ثلاثةِ أقسامٍ، فحيثُ ذكر أن الطهورَ يرفعُ الحدثَ دونَ قسيمَيْه أفادَ الحصرَ، فيخرجُ الطاهرُ والنجسُ.


(١) أخرجه البخاري (٦٥٧٩)، ومسلم (٢٢٩٢) مِن حديث عبد الله بن عمرو .
(٢) "سر صناعة الإعراب" لابن جني ١/ ١٠٠، و"شرح المفصل" لابن يعيش ١٠/ ١٥ بنحوه.
(٣) "الزاهر" للأزهري ص ٩٦ - ٩٧ بنحوه.
(٤) "الفروع" ١/ ٥٦، والدنوشري هو: محيي الدين عبد القادر الفقيه العمدة، أخذ عن البهوتي، وأخذ عنه عبد الباقي بن عبد القادر مفتي الحنابلة بدمشق. (ت بعد ١٠٣٠ هـ) "النعت الأكمل" ص ٢٠٥.