للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في الورثةِ غيرُ مكلَّف حتَّى يكلَّفَ ويطالب.

وليس لبَعْضِهم أنْ ينفردَ به. ولا يُستوفَى من حامِلٍ حتَّى تضعَ وتَسْقِيَه اللِّبَأ، ولا في طرَفٍ حتَّى تضعَ،

في الورثة غيرُ مكلَّف) لصغرٍ أو جنونٍ (حتَّى يُكلَّف) صغيرٌ ببلوغٍ، ومجنونٌ بإفاقةٍ (ويطالب) بعدَ تكليفِه؛ لأنَّ معاويةَ حبَس هُدْبَةَ بن خَشْرَم (١) في قصاصٍ حتَّى بلغَ ابنُ القتيل. وكان ذلك في عصر الصَّحابةِ ولم يُنكَر. وإن احتاج لنفقةٍ، فلولِيٍّ مجنونٍ فقط العفو إلى الدِّية.

الثاني: اتِّفاقُ جميعُ الورثةِ على استيفائِه، وإلى هذا أشار بقوله: (وليس لبعضِهم أنْ يَنفرِدَ به) لأنَّه يكونُ مستوفيًا لحقِّ غيرِه بغيرِ إذنِه، ولا ولايةَ له عليه، فينتظر قدومُ غائب ونحوه.

الثالث: أنْ يؤمَنَ في استيفاءٍ أنْ يتعدَّى إلى غيرِ جانٍ؛ لقوله تعالى: ﴿فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ﴾ [الإسراء: ٣٣]، وإلى هذا أشار بقولِه: (ولا يُستوفَى من حاملٍ) وجب عليها القِصاصُ، أو على حائلٍ فحمَلت (حتَّى تضَعَ) الولدَ (وتَسْقِيَه اللِّبَأ (٢)) لأنَّ قتْلَ الحامِلِ يتعدَّى إلى الجنين، وقتْلَها قبلَ أنْ تسقِيَه اللِّبأ يضرُّه (٣)؛ لأنَّه في الغالب لا يعيش إلَّا به، ثمَّ بعدَ سَقْيهِ اللِّبأ إنْ وجِدَ مَنْ يُرضعُه، قُتِلتْ، وإلَّا، تُركت حتَّى تَفْطِمَه.

(ولا) يُستوفى من حاملٍ (في طرَفٍ) كيدٍ أو رِجْلٍ (حتَّى تضعَ) وإنْ لم تَسقِه اللِّبَأ


(١) هُدْبَة بن خَشْرم بن كُرْز القضاعي ثم الأسلمي، كان شاعرًا فصيحًا، وهو راوية الحطيئة، كان بينه وبين زيادة بن زيد ملاحاة، فقتله. وكان لزيادة ابن صغير فأمر معاوية بحبس هدبة حتى يبلغ الغلام، فلما بلغ ابنُ زيادة قتل هدبة. "الشعر والشعراء" ٢/ ٦٩٢، و"الكامل" ٣/ ١٤٥٢ - ١٤٥٦، و"أخبار النساء" لابن قيم الجوزية ص ١٠٩ - ١١٠، و"الوافي بالوفيات" ٢٧/ ٣٣٤ - ٣٣٧.
(٢) اللِّبَأ: أول اللَّبن عند الولادة. "المصباح المنير" (لبأ).
(٣) في (م): "يضرُّ به".