للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكذا لو عَقَدها يظنُّ صِدقَ نفسِه، فبانَ بخلافه. ومَن حلفَ مُكرَهًا، أو غير مكلَّفٍ، لم تنعقد يمينُه.

ولا كفَّارةَ قبل حنثٍ، بأن يفعلَ ما حلفَ لا يفعلُه، أو يتركَ ما حلفَ لَيفعلنَّه، مُختارًا ذاكرًا، لا ناسيًا أو مكرَهًا،

الطُّول. ويحتملُ أن يُرادَ هنا توسُّعًا، فلا كفَّارةَ؛ لقوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] وفي حديث أبي داودَ عن عائشة مرفوعًا: "اللَّغْو في اليمين كلامُ الرَّجلِ في بيته: لا واللهِ، و: بلى واللهِ" (١).

(وكذا) لا تجبُ كفَّارةٌ (لو عَقَدها) أي: اليمينَ (يَظُنُّ صِدقَ نفسِه، فبانَ بخلافه) لأنَّه من لَغو اليمينِ.

(ومَن حَلف مُكرَهًا) لم تنعقدْ يمينُه؛ لقوله "رُفع عن أُمَّتي الخطأُ والنِّسيان وما استُكرِهوا عليه" (٢). (أو) حلَف (غيرُ مكلَّفٍ) كصغيرٍ، ومجنونٍ، ومغمًى عليه (لم تنعقدْ يمينُه) لعدم القصدِ.

(ولا) تجبُ (كفارة) إلَّا بأَربعة شروطٍ:

أحدها: قصدُ عَقْد اليمينِ، بخلاف اللَّغوِ ويمين نائمٍ ونحوِه.

الثاني: كوْنُهَا على مستقبَل؛ بخلاف الغَموسِ.

الثالثُ: كونُ حالفٍ مختارًا؛ بخلاف المُكرَه، وتقدَّمت الإشارةُ إلى ذلك كلِّه.

الرابعُ: الحنثُ، فلا تجبُ (قبل حِنْثٍ) ثم بيَّن الحنثَ فقال: (بأنْ يفعلَ ما حلَفَ لا يفعلُه) كما لو حَلف: لا يكلِّم زيدًا، فكلَّمه مختارًا ذاكرًا (أو يتركَ ما حلفَ لَيفعلَنَّه) كما لو حَلَف: لَيُكلِّمنَّ زيدًا اليومَ، فلم يكلِّمْه (مختارًا ذاكرًا) ليمينه. فـ (لا) تجب كفَّارةٌ إنْ فعلَ أو تركَ (ناسيًا أو مكرهًا) لأنَّه لا إِثمَ عليه ............


(١) "سنن أبي داود" (٣٢٥٤)، وأخرجه البخاري (٦٦٦٣) موقوفًا. وصحح الدارقطني الوقف، كما في "التلخيص الحبير" ٤/ ١٦٧.
(٢) سلف تخريجه ٢/ ١١٨.