للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حُمِلَ على خبرِ القُلَّتينِ المقيَّدِ.

والقُلَّتانِ: تثنيةُ قُلَّةٍ، وهي: اسمٌ لكلِّ ما ارتفعَ وعلا؛ ومنه قُلَّةُ الجبلِ. والمرادُ بها هنا: الجرّةُ الكبيرةُ؛ سُمِّيت قلَّةً؛ لارتفاعِها وعلوِّها، أو لأنَّ الرَّجلَ العظيمَ يُقِلُّها بيدِه، أي: يرفعها، والتحديدُ وقَعَ بقلالِ هَجَرَ: قريةٌ قربَ المدينةِ؛ لما روَى الخطابيُّ (١) بإسنادهِ إلى ابنِ جُرَيْجٍ، عن النبيِّ مرسَلًا: "إذا كانَ الماءُ قُلَّتينِ بقلالِ هَجَر" ولأنَّها مشهورةُ الصِّفةِ، معلومةُ المِقدارِ لا تَختلفُ كالصِّيعانِ (٢).

قالَ عبدُ الملكِ بنُ جُريجٍ: رأيتُ قلالَ هَجَر فرأيتُ القُلَّةَ تَسَعُ قِرْبَتَيْنِ أو قِرْبَتَيْنِ وشيئًا (٣). انتهى. والاحتياطُ إثباتُ الشَّيءِ وجَعْلهُ نِصفًا؛ لأنَّه أقصى ما يُطلقُ عليهِ اسمُ

(حُمِل على خبر القلَّتين) بمعنى أنْ يُقيَّد بالمقيَّد، والمعنى: إذا بلغَ الماءُ قلَّتينِ، لم ينجِّسه شيءٌ، إلَّا ما غَلَبَ على طعمِه وريحِه ولونِه، المقيَّدِ بقُلَّتين، وأمَّا حديثُ أبي أمامة فمطلقٌ؛ لإهمالِ القيدِ المذكورِ فيه.

(لارتفاعِها وعلوِّها) تعليلٌ لتسميتها بقُلَّةٍ، (أو) سُمِّيتْ قُلَّةً (لأنَّ الرجلَ العظيمَ … إلخ).

(والتحديدُ وقع بقلال هَجَر) أي: تقريبًا، فلا يضرُّ لو نَقَص رطلًا أو رطلين بالعراقيِّ، واستَدَلَّ لهذا بدليلين نقليٍّ وعقليٍّ، وعَضَدَ الدليلَ العقليَّ بقوله: (قال عبدُ الملك .. إلخ) (والاحتياطُ … إلخ) الاحتياطُ الأخذُ بأقوى الدليلين.

(لأنَّه أقصى ما يُطلَق عليه اسمُ شيء) أي: غايةُ ما يُطلَقُ عليه اسمُ شيءٍ … إلخ.


(١) في "معالم السنن" ١/ ٣٥. وأخرجه -أيضًا- الشافعي في "مسنده" ١/ ٢٢، وعبد الرزاق (٢٥٨) و (٢٥٩)، وابن المنذر في "الأوسط" ١/ ٢٧١، وابن عدي في"الكامل" ٦/ ٢٣٥٨، والبيهقي ١/ ٢٦٣. قال ابن المنذر: فالحديث في نفسه مرسل لا تقوم به حجة، وقد فصل ابن جريح بين الحديثين وبين من قال برأيه. وينظر "التلخيص الحبير" ١/ ١٨ - ١٩.
(٢) وهي جمع صاع. "المصباح": (صوع).
(٣) أخرجه الشافعي في "مسنده" ١/ ٢٢، وأورده ابن المنذر في "الأوسط" ١/ ٢٦١.