للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قال المصنِّفُ (١): قلتُ: والغسلُ فيما تقدَّم كالوضوء، وكذا إزالةُ النَجاسةِ. انتهى. لكن لو غَسلَ النَّجاسةَ من أحدِ الماءينِ سبعًا، ثم غسلَها من الآخرِ سبعًا، جازَ؛ لعدمِ افتقارها إلى نيَّةٍ. وكذا لو اغتسلَ غسلًا (٢) كاملًا من أحدِ الماءينِ، ثم اغتسلَ كاملًا من الآخرِ بنيَّةٍ واحدةٍ، جازَ؛ لأنَّ بدنَ المغتسلِ كعضوٍ واحدٍ، ففي إطلاقِهِ نظرٌ.

وقيل: يتوضَّأ من كل واحدٍ من الماءين وضوءًا واحدًا.

والأوَّل المذهب؛ لأن الوضوءَ الواحدَ، ولو بغرفتَيْنِ لكلٍّ عضوِ بنيَّةٍ جازمةٍ، وموالاةٍ، بخلافِ الوضوءِ من كلٍّ من الماءين وضوءًا مستقلًا؛ للتردُّدِ في النيَّة، وفواتِ الموالاة.

وإذا توضَّأ منهما مرَّةً من ذا غرفة ومن ذا غرفة، فإنَّه يصلِّي صلاة واحدة من غير إعادةٍ لتلكَ الصلاة التي صلَّاها بهذا الوضوءِ؛ وذلك لارتفاع حَدَثه بيقينٍ.

ويصحُّ ذلك الوضوءُ الواحدُ الذي على هذه الصفة، ولو مع وجودِ ماءٍ طهورٍ بيقين، أي: غيرِ مشكوكٍ فيه، ولا مُشتَبِه بغيره؛ وذلك لوجودِ الطَّهور في أحدهما بيقين، وقد أتى بنيَّةٍ جازمةٍ، فصحَّت طهارتُه منهما، ولو مع وجودِ الطَّهور بيقينٍ؛ لاستوائهما في الحكم. دنوشري مع زيادة.

(لكن لو غسَل … إلخ) استدراك على قول المصنف: "قلت … إلخ" دفعَ به ما يُتَوهَّم ثبوتُه من أنَّه لا يجوزُ إلا غسلٌ واحدٌ من الماءين.

(نفي إطلاقه نظرٌ) مفرَّعٌ على الاستدراك، إذ الإطلاق في محل التقييد خطأٌ، إذ المصنف في المتن قال في جانبِ الوضوء: "من كلٍّ غرفة"، وأهملَ هنا، ولم يقيِّد بأن يقول: من كل ماءٍ غرفة، أو غُسلٌ مستقلٌّ. لعلَّهُ قاصدٌ بذلك الجواز.


(١) "شرح منتهى الإرادات" ١/ ٤٩، وينظر "كشاف القناع" ١/ ٤٩.
(٢) زيادة من (ح).