للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في يابسٍ إن كان مِن طاهرٍ في حياةٍ.

(في يابس) كدراهمَ، ودنانيرَ، ودقيق (إن كان) الجلدُ المدبوغ (من) حيوان (طاهرٍ في حياةٍ) كإبلٍ، وبقرٍ، وغنمٍ، وظِباءٍ، ونحوِها، ولو جلدَ غيرِ مأكولٍ، كالهر وما دونه في الخِلقَة؛ لأنَّه وجَد شاةً ميتةً أعطِيَتها مولاة لميمُونةَ مِن الصدقةِ فقال : "ألَا أخَذوا إهابَها، فَدَبغوه، فانتفعُوا بهِ" رواه مسلم (١). وفُهم من كلامِه أنَّه لا يُباح انتفاعٌ به قبل دَبغه مطلقًا، ولا بَعده في مائعٍ، ولا إن كان جلدَ حيوانٍ نجس في حياةٍ كحمارٍ أهليٍّ.

دبغُه؛ لأنَّه كإزالةِ النجاسةِ، فهو كالمطرِ إذا مر على الأرض المتنجسة. دنوشري مع زيادة.

(في يابس) متعلق بـ "يباحُ استعماله" أي: يباحُ استعمالُ جلدِ حيوان طاهر في الحياة نَجُسَ بموتٍ، بعدَ دبغِه، في يابسٍ لا مائعٍ، فإنَّه يحرمُ حينئذٍ؛ لأنَّ في استعمالِ ذلك في المائعات تضمُّخًا بالنجاسة من غير ضرورة، وهو غيرُ جائز، والدليلُ على جواز استعمال الجلد المدبوغ في اليابسات دون المائعات، ما رَوى ابنُ عباس قال: تُصُدقَ على مولاة لميمونةَ بشاة فماتت، فألقتها، فمر بها رسولُ الله فقال: "هلا انتفعتُم بإهابها فدبغتموه، فانتفعتم به" رواه مسلم (٢).

ولأن الصحابةَ لما فتحوا فارس انتفعوا بسروجِهم وأسلحتِهم، وذبائِحُهم ميتة نجسة. ونجاستُها لا تمنعُ الانتفاعَ بها، كالاصطيادِ بالكلب، وركوبِ البغل والحمارِ، وإذا جاز استعمالُه، جازَ دبغُه. دنوشري. وما ذكره الشارح من الدليل مروي بالمعنى.

(قبل دبغه مطلقًا) أي: لا في يابس ولا في مائع.

(ولا أَنْ كان جلدَ حيوان … إلخ) هذا محترزُ قولِه: "من طاهرٍ في حياة" وذلك مثلُ:


(١) في "صحيحه" (٣٦٣) (١٠٢) من حديث ابن عباس .
(٢) في "صحيحه" (٣٦٣)، وأخرجه أيضًا البخاري (١٤٩٢) بنحوه، ولفظه عند مسلم: "هلا أخذتم إهابها فدبغتموه .... " الحديث.