للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويباح استعماله بعده

(ويُباح استعمالُه) أي: جِلد الميتة (بعدَه) أي: بعد الدَّبغ بطاهر مُنشِّفٍ للرطوبةِ، منَقٍّ للخبث، بحيث لو نُقع الجلدُ بعده في الماء، لم يفسُد. وجَغلُ مُصْرانٍ (١) وكَرِشٍ (٢) وَتَرًا، دباغٌ.

عادة، أو كان بقاؤه أشدّ تأليمًا له، وقد عمَّت بذلك البلوى. قال الدنوشرى: خلافًا لأبي حنيفة في أنَّ التذكيةَ تُطَهِّر جلدَ الحيوانِ الطَّاهر في الحياة دون لحمِه، على المفتي به عندهم. فلا يجوز عندنا ذبحُه لذلك، ولا لغيره، ولو في النزع، كما أنَّه لا يحلُّ لحمُ المأكول بتذكيته وهو في النزع؛ لأنَّه ليسَ فيه حياةٌ مستقرَّةٌ، فلا عبرةَ بتذكيته. انتهى (٣) … فيقال لها: ميتة على الأوَّل، دونَ الثَّاني؛ لعدم اتصافها بالحياة منه.

(ويباحُ استعماله … بعدَه) مفهومه: أَنَّه يباحُ دبغُ جلدٍ من حيوانٍ طاهرٍ في الحياة، أو غيرِ مأكولٍ نَجُسَ بموت، كما صرَّح به في "المنتهى" (٤)، سواءٌ كان مأكولًا في الحياة، أو غيرَ مأكولٍ، كالهرِّ ونحوه، واحترز بقوله: نَجُسَ بموتٍ، عمَّا إذا كان نجسًا حالَ الحياة، كالبغل، والحمار الأهليِّ، وسباعِ البهائم، وجوارحِ الطَّيرِ، والمتولِّد بينَ ذلك وغيره، فإنَّه لا يباحُ استعمالُ الجلدِ الذي نَجُسَ بالموت.

(بعدَه أي: بعدَ الدبغ) ويحصلُ الدبغ بكلِّ طاهر مجفِّفٍ قاطع للرُّطوبةِ، فلا يحصلُ الدبغُ بنجسٍ -ولا بطهورٍ غيرِ مُنْقٍ للخبث، بحيثُ لو نُقِعَ الجلدُ بعدَه في الماءِ لفسُد، ولا بتشميسٍ، وتتريبٍ (٥)، وريحٍ- أشبه الاستجمار.

ولا يفتقر الدبغُ إلى فعلِ آدميٍّ، فلو وقعَ الجلدُ في مدبغَةٍ (٦)، ومكثَ يسيرًا فقد حَصَل


(١) المصِير: المعى، والجمع مُصْران. "المصباح": (مصر).
(٢) الكرِش: لذي الخُفِّ والظّلف كالمعدة للإنسان. "المصباح": (كرش).
(٣) بعدها في الأصل بياضٌ بمقدار سطر ونصف.
(٤) ١/ ١٠.
(٥) في الأصل: "وترتيب" وهو خطأ، والتصويب من "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي ١/ ٥٦.
(٦) المدبغة: موضع الدبغ، وضمُّ الباء لغة. "المصباح" (دبغ).