للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مأكولةٍ، فذلك طاهرٌ؛ لقوله تعالى: ﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ﴾ [النحل: ٨٠] والآية سِيقَت للامتنانِ، فالظاهر شمولُها لحالتَي الحياةِ والموتِ، والريشُ مَقيس على الثلاثة (١). وحَرم في "المستوعب" نتْفَ ذلك من حيٍّ؛ لإيلامِه،

وما ذُكِر من جملةِ الميتَةِ، فيكون محرمًا، وبدليل الإحساسِ والألم، وهو في العظام أشد منه في اللحم، والفرسُ يتألم، ويحس ببرودة الماء وحرارته، وحُكمُ ما ذكرنا أن ذلك إذا أخِذ من مُذكى، فهو طاهرٌ، وإن أُخِذ من حيّ، فهو نجس. دنوشري.

(فذلك طاهرٌ) لأنَّ ذلك كله لا تَحُلُّه الحياةُ، فلا يَحُله الموتُ، فلا يُعطَى حكمَه من النجاسة دليل طهارة المستثنى. (والآية سيقت للامتنان) بذلك على عبادِ الله تعالى، وما يُساقُ على وجهِ الامتنان يكون على أتم الأوصاف وأحمد الأحوال.

(فالظاهرُ شمولُها لحالتي الحياة والموت) نقل الميموني (٢): صوفُ الميتة لا أعلمُ أحدًا كرهَه (٣). وأمَّا أصولُ شعر الميتَة ريشُها إذا نُتِفَ وهو رطب أو يابس، فنجس؛ لأنَّه بالنتفِ لا يُؤمَن انفصال جزء من الميتة معه، والمنفصلُ جزءٌ من المتَّصل، فأصولُه نجسةٌ برطوبةِ الميتةِ، وما عداهُ طاهر.

وفُهِم من قوله: "طاهر في حياة" أن الحيوان إذا كان نجسًا في الحياة، فشعرُه ولعابُه وعرقُه نجس أيضًا في الحياة والممات، وهذا هو المشهورُ عن الإمام أحمد، نفعنا الله به. دنوشري.

(والريشُ مقيسٌ … إلخ) جوابٌ عن ما يقال: أخَّره عن الشعر والصوف والوبر ولم يقدمه عليها، وحاصل الجواب: أنَّه مقيسٌ، والمقيسُ مؤخر عن المقيس عليه.


(١) في (ح) و (ز) و (س): "الثلاث".
(٢) هو عبد الملك بن عبد الحميد بن مهران، الفقيه، كان عالم الرقة ومفتيها في زمانه، صحب الإمام أحمد. له عنه مسائل جياد. (ت: ٢٧٤ هـ). "المقصد الأرشد" ٢/ ١٤٢.
(٣) "الفروع" ١/ ١١٩.