للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعوذُ باللهِ مِنَ الخُبْثِ والخبائِثِ، وعندَ خروجهِ:

والترمذي (١)، وقال: ليس إسناده بالقوي.

ثم يقول: (أَعوذُ باللهِ) أي: ألجأ إليه (مِنَ الخُبث) بإسكان الباء، أي: الشر (والخَبائثِ) أي: الشياطين. وهذا قولُ القاضي عياضٍ (٢)، وذكر أنَّه أكثرُ رواياتِ الشيوخِ؛ فكأنّه استعاذَ مِن الشَّر وأهلِه. وقال الخطابي (٣): الخُبُثُ، بضمّ الباءِ: جَمع خبيثٍ. والخَبائثُ: جمع خَبِيثَة؛ فكأنَه استعاذَ مِن ذُكرانِ الشياطينِ وإناثِهم؛ وذلك لحديثِ أنسٍ: أنَّ النَّبيَّ كان إذا دخلَ الخلاءَ قال: "أعوذُ باللهِ مِنَ الخُبثِ والخبائِثِ" (٤).

(و) يستحبُّ (عند خُروجِه) أي: بعد خروجِ قاضي الحاجةِ مِن نحوِ خلاءٍ أن

(من الخُبثِ بإسكان الباء) اسمُ مصدرٍ بمعنى الشر، والاستعاذةُ منهم في البناء المعد لقضاءِ الحاجة؛ لأنَّه مأواهم، وفي الفضاء؛ لأنَّه يصير مأواهم بخروج الخارج.

(بضمّ الباء) أي: والخاء، جمعُ خبيث، وهو كل مُؤذٍ من الجن والإنس والشياطين.

(أن النَّبي … إلخ) فيه أنَّه محفوظ من الإنس والجن والشياطين، فكيف أن يستعيذ من ذلك؛ لأن الشيطانَ لا يوسوس له، إلَّا أن يقال: أَنَّه كان يأتي بذلك للتعميم، وإظهارًا للعبودية.


(١) ابن ماجه (٢٩٧)، والترمذي (٦٠٦).
(٢) هو: أبو الفضل، عياض بن موسى بن عياض اليحصبي الأندلسي، ولد سنة ست وسبعين وأربع مئة، له مؤلفات كثيرة، منها: "الشفا في شرف المصطفى" و"مشارق الأنوار في اقتفاء صحيح الآثار". (ت ٥٤٤ هـ). "وفيات الأعيان" لابن خلكان ٣/ ٤٨٣ - ٤٨٥، و "الديباج المذهب" ٢/ ٤٦ - ٥١. وكلامه في "مشارق الأنوار" ١/ ٢٢٨ - ٢٢٩.
(٣) "معالم السنن" ١/ ١٦، وقد غلط من يقول بإسكان الباء.
(٤) أخرجه البخاري (١٤٢)، ومسلم (٣٧٥)، واللفظ له.