للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يصح استجمارٌ إلَّا بطاهرٍ، مباحٍ، مُنْقٍ،

(ولا يصح استجمار إلَّا بطاهرٍ) جامدٍ (مباح مُنقٍ) كحجرٍ، وخشبٍ، وخِرقٍ (١)؛ لأن النبي سُئل عن الاستطابةِ فقال: "بثلاثةِ أحجارٍ ليس فيها رَجِيعٌ" (٢)، فلولا أنَّه

(ولا يصح استجمارٌ إلا بطاهرٍ) فلا يصح الاستجمار بنَجِسٍ كرَوثٍ ورمةٍ؛ لأنَّ ابنَ مسعود أتى النبي بحَجَرين ورَوثة للاستجمار، فأخَذَ الحَجَريَن، وألقى الروثةَ وقال: "إنَّها ركسٌ" رواه البخاري (٣).

والركس: النَّجَس. فرده ، وعلله بأنه رِكسٌ، ولم يَرضَهُ للاستنجاء، فوجبَ المصيرُ إليه، ولأنَّه إذا استجمرَ بالنجاسة، فلا يزدادُ المحل إلَّا نجاسةً، وكذلك إذا استجمرَ بنجِسٍ، ثم بطاهرٍ بعدَه، أو استنجى بمائعٍ كخلٍّ وماء بَقْلٍ وورد، فلا يجزئهُ بعد ذلك إلَّا الماءُ الطهورُ. دنوشري وإيضاح.

فلا يصح بمحرم، كمغصوب، ومسروقٍ، وموقوفٍ، وفضةٍ؛ لأنه رخصةٌ، فلا تستباحُ بمعصيةٍ. ولو استجمرَ في الحائط الوقْف، لم يصحَّ استجمارُه، وحَرُم ذلك، ولا يجزئهُ إلا الماءُ. نقل ذلك عن والدِ صاحبِ "المنتهى"، قاله ولده، حتَّى ولو كان المستجمِر مستأجرًا للوقف، أو مستأجرًا لحائط ملك، قاله الشَّيخُ عبدُ الرحمن البهوتي.

(مُنْقٍ) أي: قالعٍ لعينِ النجاسةِ، مزيلٍ لجِرمها، ولو بقي أثَرُها في المحل، فلا يُجزئُ الاستجمارُ بغير مُنق، كالشيء الصقِيل من زجاج وقَصَبٍ ونحوِهما؛ لأنَّه إذا لم يُنقِ، لم يَحصل منه المقصود من الاستجمار، فلا يجزئه، وإنَّما يُجزئه الاستجمارُ بالمباح المنقي، كخشبٍ وحجَرٍ وخِرَقٍ، فإن استجمرَ بغير مُنْقٍ، أجزأ الاستجمارُ بعده بمُنْق.

"فرع": لو استجمرَ ثلاثةُ أنفسٍ بثلاثة أحجار، لكل حَجَر ثلاثُ شُعَبٍ، استجمر كل واحدٍ بشعبةٍ من كل حجر، أجزأهم؛ لحصولِ المعنى والإنقاء.


(١) في (م): "وخزف".
(٢) رواه أبو داود (٤١)، وابن ماجه (٣١٥)، وأحمد (٢١٨٥٦) من حديث خزيمة بن ثابت، وينظر: حديث سلمان الآتي ص ٢١٤.
(٣) برقم (١٥٦).